نصف الدنيا
خلود أبو حمص
«ممنوع دخول المكفوفين؟»
صور التمييز العنصري ضد المكفوفين في كافة الدول العربية هي صور محزنة جدا، فيها كسر خواطر وإجحاف بحق شريحة واسعة من المجتمع العربي والتي يزيد عددها عن تسعة ملايين ( منها ثلاثة ملايين في مصر)، فبدلا من دعمهم وتسهيل أمورهم، نضع العوائق ونحدد الفرص،
وبدلا من إدماج الكفيف في مجتمعاتنا، نري صورا مخزية من التمييز العنصري والتي تتناقض مع أبسط حقوق المكفوفين في تكافؤ الفرص فى التعليم والتدريب والتشغيل والرعاية والأنشطة الرياضية والترفيهية والحماية الاجتماعية والقانونية،
وما زالت مجتمعاتنا العربية واللوائح التنفيذية للعديد من المؤسسات تصر عَلى التعامل مع المكفوفين وكأنهم أطفال قُصر تنقصهم الأهلية ولا بد من وكيل يصرف أمورهم! صور تخدش أحاسيسهم المرهفة وتهبط من عزائمهم؛
صورة لشاب كفيف يذهب إلى البنك حيث رصيده المالي ويفاجأ برفض الموظف إجراء أي معاملة مصرفية له أو تحديث لمعلوماته البنكية بالرغم من اصطحابه لمُرافق وإصرار البنك على وجود الكفيل، ‹آسفين جدا ولكن قوانينا البنكية تمنعنا من قبول أي معاملات بنكية للمكفوفين دون وجود كفيل› والمضحك المبكي أن نفس البنك قبل معاملة بنكية من قبل وكيل نفس الشاب بالرغم من انتهاء تاريخ سريان وثيقة الكفالة! والتي تتناقض كليا مع مبدأ حماية أملاك المكفوفين
صورة لكفيف يحاول الاشتراك في أحد النوادي الرياضية وُيمنع من الدخول بالرغم من وجود مرافق؛» آسفين جدا، ولكن ممنوع دخول المكفوفين إلى النادي»، وبعد انفجار الشاب الكفيف من الغضب، رد مدير المركز بعمل استثناء له مما زاد من غضبه واستيائه. نحن بحاجة إلى قوانين تحترم المكفوفين بشكل عام وليس استثناء وتحميل جمايل
صورة لطالبة كفيفة حلمها أن تلتحق بكلية الإعلام وكانت المفاجأة والطامة الكبرى عندما وجدت أن استمارة طلب الالتحاق بقسم الإعلام في كلية الآداب لإحدى الجامعات مدون عليها بالخط العريض عبارة «ممنوع دخول المكفوفين والمعاقين». وبالرغم من كون هذه الجامعة الاستثناء وليس القاعدة فهناك صور أخرى على صعيد أوسع تحرم المكفوفين من حقهم في التعليم العالي، فنجد أنه في إحدى الدول العربية تحدد وزارة التعليم العالي خمس كليات فقط للمكفوفين ‹الآداب - ودار العلوم – والألسن – والحقوق - والخدمة الاجتماعية› والتي هي انتهاك صريح لحقوق الإنسان والمواطنة وترسيخ التميز العنصري ضد المكفوفين
وصورة لطفلة كفيفة محرومة من أي شكل من أشكال الترفيه، تسمع بنات الجيران يتحدثن عن الجزء الخامس من فيلم ice age وتتحسر وتتمنى أن تتابع أيا من هذه الأفلام! هناك قوانين في كل من أمريكا وكندا وأستراليا منذ أكثر من ستة أعوام تفرض على المنتجين ودور السينما توفير تقنية الوصف الصوتي، فلم لا توجد قوانين مشابهة في عالمنا العربي لتوفير الوصف الصوتي باللغة العربية؟
إن المكفوفين محرومون من أي نوع من أنواع الترفيه وفي معظم الأحيان يتم التركيز على الدراسات الدينية كأهم عامل للنمو الصحي للطفل الكفيف، ضاربين بعرض الحائط أهمية الترفيه وبالذات أفلام الأطفال وبرامج الكرتون في نمو ملكة التخيل عندهم والتي تنمو في وجدان الطفل كما ينمو جسده.
والله أشعر بالخجل في كل مرة أستمع فيها لأحد الأصدقاء المكفوفين وهو يسرد معاناته اليومية لأبشع صور التمييز العنصري وأشعر بالغيرة في كل مرة أنظر فيها إلى وضع المكفوفين في الغرب. وعندي اقتراح باعتقادي أنه سيحسن وضع المكفوفين وتفاعل المجتمع جذريا. ليتأمل كل منا، بمن فيهم مشرعو القوانين، صورة واحدة، ‹ماذا كنت ستفعل، وكيف كنت ستتصرف لو كان طفلك أو أخوك أو أحب الناس إلى قلبك كفيفا؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف