هدوء وطمأنينة وراحة بال وسكينة وصفاء ونقاء. مجموعة من الحالات الايجابية. عاشتها العاصمة المصرية القاهرة. خلال الأيام الستة الماضية التي واكبت وقفة وأيام عيد الأضحي المبارك. أعاده الله علينا جميعا بكل خير. ووفق ولاة أمورنا إلي الصلاح.
نفضت القاهرة عن كاهلها أبناءها غير الشرعيين. الذين استوطنوها منذ زمن. قادمين من شتي محافظات الوجهين القبلي والبحري. كما نفضت أيضا ألوفا من ابنائها الأصليين الذين انطلقوا لقضاء أيام العيد في المدن الساحلية للاستمتاع وإلقاء النظرة الأخيرة علي الشواطئ. قبل إمعان النظر في الكتاب المدرسي بعد أيام.
بدت القاهرة في صباحها ومسائها كعروس تزينت ليلة عرسها. ولكن علي اتفاق بحضور عدد محدود من المعازيم!
المقارنة بين شوارع العاصمة في أيام العيد والأيام العادية مسألة خيالية. السيولة المرورية في كل المحاور. النظافة. انخفاض مستويات التلوث البيئي والسمعي. وفرة أماكن انتظار السيارات. اختفاء الوحش "المقطورة" من الطرق. اختفاء الطوابير داخل محطات البنزين. ظهور معالم القاهرة الإسلامية والخيداوية والفاطمية. كلها عوامل جعلت المحظوظين نفسيا. يتمنون ألا يعود الخارجون!
في عام 2000 قرأت دراسة قالت إن من أسباب الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم شارعين في القاهرة والجيزة هما: قصر العيني حيث الوزارات ومجلسي الشعب والشوري وقتها وفيصل حيث المقاهي والمحلات والأبراج واحتلال نهر الطريق!
لذلك لم يكن غريبا أن يشعر بقايا سكان العاصمة بالسعادة والراحة النفسية بعيدا عن الزحام. والانتظار بالساعات حبيسا داخل السيارة علي الطريق الدائري. وكأننا تونة مفتتة داخل علبة من الصفيح الساخن بفعل حرارة الشمس الحارقة. المشوار الذي كان يأخذ في الأوقات العادية ساعة والنصف. لم يستغرق أكثر من 20 دقيقة خلال الأيام الست الماضية!
ولما كان عودة الطيور المهاجرة أو المصيفة حقيقة وواقعا لا فرار منه. فلا نملك إلا أن ندعو إلي التفكير في خطط لتخفيف الزحام عن العاصمة وليكن أولها قرارا بمنع سير المقطورات نهائيا علي أي من المحاور المحيطة أو المؤدية إلي القاهرة. وتحديد أوقات معينة لسير غيرها من النقل الثقيل. للحد من الحوادث القاتلة علي الطرق وبالتالي تحقيق قدر من السيولة المرورية.
في الاتجاه نفسه. يجب التفكير في خطط بديلة لإعادة التوزيع الجغرافي للسكان بالمدينة. وايجاد عوامل جذب في المحافظات للعمل والمعيشة. والتخلص من الطفيليات التي تتغذي علي جسد الجهاز الإداري للدولة دون أدني نفع.
السلبية الوحيدة التي رصدتها في العاصمة خلال إجازة العيد هي التكدس عند المقابر. وكأن من لم يحالفه الحظ في السفر إلي شرم الشيخ أو الساحل الشمالي أو الغردقة. قرر أن ¢يطلع¢ القرافة!
لم أجد سندا في الدين يوصي بزيارة القبور أيام العيد. المقابر موجودة طوال أيام السنة. يمكن زيارتها في أي وقت. ولنجعل العيد للفرحة واللحمة واللمة.
هنيئا لمن رأي وعاش في قاهرة بهذا الهدوء.. وعود أحمد بإذن الله لأصدقائنا وأحبابنا الذين غادرونا أيام العيد.. والله وحشتونا!