البديل
عاطف عبد الفتاح
من إرضاع الكبير للكشف على الأثداء
عندما فجعنا بفتوى أحد أصحاب العمم بأن الرجل إذا اضطر للمكوث مع امرأة أجنبية عنه، فإن الحل العبقري للخلوص من فكرة الخلوة غير الشرعية، هو ما يسمى بـ “إرضاع الكبير”؛ حتى تصبح السيدة التي هي أجنبية من محارمه بعد تناوله لبن ثديها.
الأمر رغم استغرابه، لكن وارد في ظل اللعب بالفتاوى بين الشطح الأحمق “الضِّلِم”، والانبطاح الحكومي “الوَسَطي”. أما أن نجد تلاعبًا في أثداء المصريات بدعوى توفير لبن أطفال مدعم، والذي زاد 50% بعد جميلة توفيره، فهذه لا مؤاخذة.
ولكن بالتخلص المؤقت من الألزهايمر نجد أن حتى هذا الأمر طبيعي، فمن قام قبل ذلك بكشف العذرية، نتوقع منه أكثر من ذلك.. ومن يدري، ربما تتناول المرحلة القادمة الرجال أيضًا.. لم لا؟ خاصة بعد الأكل الذي يزيد هرمونات الأنوثة عند الرجل، والذي كتبت عنه في 2008 بعنوان “قضية أمن قومي”، واكتشفوه أخيرًا الشهر الماضي في الدجاج.
الأخ أمير، وهو زميل ويعتبرني أبًا له، قال لي من شهر: “النكت اللي كنا بنقولها زمان بقت حقيقة بتحصل النهارده”.
وليتها على قدر النكت.. الأمر تجاوزها إلى المهازل ومرمطة الشعب وإذلاله، والشماتة فيه.
ظاهر الأمر في موضوع لبن الأطفال أن “جهة ما” أنقذت (كعادته) الدولة من أزمة، فلها الأجر والثواب (وهو ما تحصِّله الآن)، لكن ما وراء الستار أن وزير الصحة الدكتور أحمد عماد فجأة قرر سحب ترخيص لبن الأطفال من الشركة المصرية لتجارة وتوزيع الأدوية، وهي على فكرة حكومية، فطبيعي أن يختفي اللبن من السوق، وإعطاءه لجهة ما، فطبيعي أن تضخه في السوق، وأن يتضاعف الأجر والثواب، فيصبح اللبن أبو 5 جنيهات بـ 8، وهكذا. مع العلم بأن لدى الشركة مخزونًا من الألبان يكفي 4 أشهر، يعني أصلاً لا توجد أزمة.
وكما عودتنا حكومة الأزمات والزنقات، قامت بزنق منافذ التوزيع، التي كانت ٦٥ ألف صيدلية؛ لتصبح ٩٠٠ منفذ تابع لمن؟ للمحليات!
والقرار الذي أصدره وزير الصحة وضع شروطًا فيه لصرف اللبن المدعم للأطفال. اقرأ واتعظ يا مؤمن: “أن تكون الأم متوفاة، أو أن يكون عدد التوائم 3 فأكثر، أو أن تكون الأم مريضة بمرض مزمن يمنعها من الرضاعة، أو أن تكون الأم متوقفة عن الرضاعة لمدة شهر فأكثر”!
والسؤال الطبيعي: لماذا تفعل الحكومة هذا بأمهاتنا؟ لأن الحكومة تعتبر نفسها المالكة لخزائن الشعب، فهي تمنُّ عليه، على أساس أنها تصرف من جيوبها. وهو نفس منطق الخديوِ توفيق الذي أدخل الاحتلال البريطاني إلى مصر “ما أنتم إلا عبيد إحساناتنا”. فما تفعله الحكومة ترجمة عملية لكلمة “عبيد”. وغفلت عن “إحساناتنا”، وترجمتها غلط “إساءاتنا وإهانتنا لكم”.
والدليل قول الصحة في بيانها “ستُجبر النساء اللاتي يطالبن بالحصول على دعم حليب أطفالهن على الخضوع لفحص طبي”.
ولا أستبعد أن تتطور سيارات التبرع بالدم التي تتسول للاتجار في دماء الشعب، وتطالب بتبرع النساء باللبن؛ لإنقاذ طفل. فنحن في زمن النكتة كما قال أمير، زميلي الذي يعتبرني أبًا له. وربما إن راج هذا التبرع أن يشمل كل أنواع وصنوف الألبان.
ومعلش سؤال آخر: ما مبرر الوزارة لأن تفعل هذا بنا؟
“منع الاحتكار”.. رغم أن الشركة التي كانت تتولى هذا الأمر كما نعلم جميعًا حكومية، ولم يكن هناك أي محل لهذه الكلمة، ولكننا بهذه الفعلة انتقلنا من الاحتكار إلى الاحتقار.
ولأننا في زمن “البقاق”؛ نجد التصريحات (الخاصة) الخلف خلاف.. فمصدر مسؤول بالصحة (أخفى اسمه) صرح أنه يتم الكشف على السيدات دون خدش لحيائهن، فيما أكد مصدر مسؤول تاني برضه هو الدكتور خالد مجاهد المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان أن الكشف لا يتم إلا إذا “اشتكت” إحدى الأمهات من أحد أمراض الثدي، وأن الكشف عبارة عن إخبارها للأطباء بالتاريخ المرضي لها أو عدد المرات التي تقوم بالرضاعة فيها إذا كان قليلًا ولا يكفى حاجة الطفل. با سلااااااااااااام!
رغم أن الواقع العملي أظهر أن الكشف على جميع الأمهات، وأن معظمهن لا يُصرف لهن بعد كل هذه المهانة.
يبدو أن ثدي المرأة يشغل ويشعل دائمًا الثقافة العربية، فمن الحكم المتوارثة “تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها”.. وكانوا يقصدون لا تشتغل مرضعة، فما بالك أنها اليوم يتم الكشف على ثدييها لإحضار لبن لطفلها أغلى من سعره الأصلي؟!
وهذه الحكمة تلهمنا بفكرة عودة المرضعات. لم لا والدواعش أعادوا السبي وما ملكت يمينك؟ فمن باب أولى تعود المرضعة، على الأقل لن تكون بتكلفة لبن الأطفال ولا بمهانته.
أما الأخ أمير، زميلي الذي يعتبرني أبًا له، والذي تزوج دون أن يدعوني لفرحه، فأنصحه أن يفكر ألف مرة قبل أن ينجب، هو نجا من فكرة، يوسوس إليَّ شيطاني بأنهم يمكن أن يفعلوها، وهي الكشف قبل الزواج بمنطق لبن الأطفال. لكن فكر يا أمير، يا زميلي وتعتبرني أبًا لك، قبل أن تنجب؛ فالزمن ما زال يتغير، حتى يصبح زمن النكتة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف