عجيب أمر الذين يشوهون التماثيل فى الميادين العامة برسوماتهم العشوائية وعبارات الذكرى التى تخصهم وحدهم، الأعجب أن يقوم البعض بتشويه أكبر تحت مسمى (الترميم) المثال الذى أقدمه لكم هو تمثال للفنان محمد عبد الوهاب موسيقار الأجيال، والذى يقام بميدان باب الشعرية فى مواجهة جامع عبد الوهاب الشعرانى، وهو جد الفنان الراحل.. ولمن يريد أن يشاهد مدى التشويه يمكنه الذهاب إلى هذا الميدان الواقع بين العتبة والموسكى من ناحية، وشارع الجيش والعباسية من ناحية أخرى، أولاً سيجده محاصراً بسيارات الميكروباص التى تتخذ من موقعه موقفاً لها، وهو موقف عشوائى يتسبب فى اختناق المرور بهذه المنطقة ذات الكثافة السكنانية العالية جداً.إذا نظرت للتمثال ستجد أسوأ نموذج للترميم، إذا تجاوزنا ووصفنا تلك الجريمة بالترميم، فلا ذوق فيها ولا قواعد فنية، ولا غيره.. تصوروا ياقة القميص مدهونة بلون أبيض والكرافتة بنية اللون وكذلك الشعر والنظارة، أما باقى جسم التمثال فلونه نحاسى «فاقع» لا ندرى كيف تجرأ من فعل هذه الجريمة على القيام بفعلته تلك؟!
الغريب أن هذا التمثال سيئ الحظ منذ كان فكرة، فقد أقامه لأول مرة»نائب برلمانى» الهارب خارج مصر عندما كان مرشحاً لمجلس الشعب وقتها طلب من الفنان الذى نفذ التمثال أن يكون بالحجم الطبيعى.. فكانت النتيجة تمثالاً قزمياً لا يصح أن يرمز لفنان عملاق بهذا الحجم، فلما تزايدت الاعتراضات نقلوا التمثال»الصغير» إلى جانب الطريق وتم عمل تمثال أكبر قليلاً ، لكن بعيداً عن النسبة والتناسب، والقيم الجمالية وغيرها، فإن التشويه المتعمد لهذا التمثال هو استهانة بقيمة هذا الفنان صاحب القامة العالية..
إننا نطالب بتصحيح «الأخطاء» أو الخطايا التى حدثت، أولا بترميم التمثال بشكل علمى وفنى سليم، ثانياً بنقل موقف الميكروباصات وإعادة تخطيط منطقة قاعدة التمثال بشكل مناسب يكفل توفير سيولة مرورية فى هذه المنطقة الحيوية بوسط البلد.
أقول هذا وأنا ألفت الأنظار إلى تشويه آخر يحدث لتماثيل أخرى فى ميادين شتى مثل تمثال كوكب الشرق أم كلثوم، ورائد التعليم والترجمة رفاعة الطهطاوى ، وغيرهما، وأذكر القراء ـ وطبعاً المسئولين ـ بما كان يحدث من تشويه متعمد لكثير من تماثيلنا التى تعتبر تراثنا وتاريخنا كما حدث مع تمثال عروس البحر الذى أحاطه البعض بملاءة وكأنه «عورة» !! وتحطيم البعض لتماثيل أخرى وكأنها « أصنام»!!