علاء عريبى
رؤى .. الحج وغفران الذنوب
قبل أن نلتحق بالمدرسة كنا نسمع من أهالينا أن الحج والعمرة يسقطان الذنوب، ويطهران المسلم من الخطايا التي وقع فيها، وقيل كذلك إن المسلم يعود كما ولدته أمه، صفحة بيضاء خالية من الذنوب، وكانت أسرة الحاج تستعد لعودته من أراضى الحجاز بتنظيف البيت ودهانه ورسم صورة الجمل والكعبة على واجهة المنزل، وكتابة الآية رقم 97 من سورة آل عمران:» ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا»، إضافة إلى بعض كلمات الترحيب: حج مبرور وذنب مغفور،
وعندما التحقنا بالمدرسة حفظنا آية الحج لمن استطاع من سورة آل عمران، وحفظنا كذلك ما نسب للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» (رواه البخاري ومسلم).
وقيل لنا إن الله عز وجل يغفر لمن يأتي له حاجا أو معتمرا جميع الذنوب والخطايا التي أسرف على نفسه فيها، أما الخطايا التي تخص الناس فستظل معلقة إلى أن يسامح فيها صاحبها، وماذا عن غير القادرين؟، ماذا عن الفقراء والمعدمين؟، ماذا عن الذين لا يمتلكون أموال الرحلة إلى بيت الله معتمرا أو حاجا؟.
ما تعلمناه في الصغر أن الحج فريضة لمن استطاع، بمعنى أن الله عز وجل علقها على القدرة، والقدرة هنا يقصد بها القدرة البدنية: تحمل مشاقة الرحلة، والقدر المادية: تكلفة الرحلة، وفى زماننا الحالي غلبت المادية عن الجسدية، فنفقات الحج والعمرة تقدر بآلاف الجنيهات، هذا بخلاف نفقات الإقامة، الطعام والشراب والانتقالات، وهو ما يعنى أنها أصبحت متاحة فقط للقادرين ماديا من المسلمين وليست متاحة لجميع المسلمين، ويعنى كذلك أن القادرين ماديا هم وحدهم الذين تتاح لهم فرصة إسقاط (حسب ما تعلمنا) الخطايا والذنوب التي وقعوا فيها بحق الله عز وجل؟، من أين يأتي عامل اليومية أو الباعة الجائلون أو الموظفون أو غيرهم من غير القادرين بنفقات هذه الرحلة؟.
سمعنا كذلك فى الصغر أن الصلاة في بيت الله الحرام تعادل مائة ألف صلاة مما نؤديها فى بيوتنا أو فى المساجد الأخرى، وقيل لنا كذلك أن الصلاة في مسجد الرسول بالمدينة المنورة تعادل عشرة آلاف مما نصلى، وأكدوا لنا صغارا وكبارا أن أداء الحاج أو المعتمر أو المقيم الصلوات الخمس ليوم واحد في بيت الله الحرام أو في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، تعادل الصلوات التي فاتتك طوال عمرك، وهو ما يعنى أن القادرين ماديا فقط الذين يتمتعون برخصة سماوية لإسقاط الذنوب، ورخصة أخرى لتعويض الصلوات التي فاتتهم، بصياغة أخرى أن ما تعلمناه صغاراً ومازلنا نسمعه ونحن كبار يعنى أن الله عز وجل منح القادرون ماديا والأثرياء من عباده وحدهم رخصة لإسقاط ذنوبهم، وهذه الرخصة ممثلة فى أداء فريضة الحج أو أداء مناسك العمرة، وهذا يعنى أيضا أن هذه الرخصة يتمتع بها المقيم حول بيت الله الحرام أو حول مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سائر المسلمين، حيث تتاح للمسلم السعودي المقيم فى مكة فى المدينة التمتع بهذه الرخصة، وهو ما يدفعنا للتساؤل: وماذا عن سائر المسلمين؟، وماذا عن الفقراء وغير القادرين؟، وهل بالفعل ما تربينا عليه صغارا بأن أداء فريضة الحج أو العمرة تسقط ما سبق من ذنوب؟، هل هذه الرحلة تطهر المسلم من ذنوبه التى يحملها على ظهره طوال سنوات عمره؟، هل أداء صلاة يوم تعوض ما فات المسلم من الصلوات التي أهمل أو تكاسل عن أدائها؟.