اسامة الغزالى حرب
كلمات حرة .. ألمانيـــا !
أن تزور ألمانيا بصفتك عضوا فى البرلمان أو قياديا حزبيا، وتعيش فى أجواء رسمية أو شبه رسمية شيء، وأن تزور ألمانيا كزائر عادى وتقيم ليس فى برلين أو فرانكفورت أو ميونيخ أو شتوتجارت.. وإنما فى مدينة صغيرة، أو بالأحرى قرية يدور عدد سكانها حول خمسة آلاف نسمة، وسط منطقة ريفية بالأساس، فذلك شيء آخر تماما، وتلك تحديدا التجربة التى عشتها لمدة عشرة أيام فى «أوبرشتاوفن» التى تقع أقصى جنوب ولاية «بادن فيرتمبيرج» المجاورة لولاية بافاريا، والتى تقع فيها المصحة التى قضيت فيها الإجازة.
ولأننى مواطن مصرى مشغول- مثل كثيرين غيرى بهموم بلدي، فإن هذا يدفعنى تلقائيا للمقارنة بين أحوالنا وأحوالهم، لأكتشف - أو فى الحقيقة أعيد اكتشاف - أن البون شاسع للغاية بيننا وبينهم. لقد كانت الجغرافيا والطبيعة شديدة السخاء مع ألمانيا مثلما هى كذلك مع معظم بلاد أوروبا: الخضرة والغابات والأنهار والجبال والثروات الطبيعية الهائلة مثل الأخشاب والحديد والنحاس والغاز الطبيعي.. إلخ، ولكن عظمة ألمانيا ترتبط بعد ذلك كله بالمواطن الألماني. إن ألمانيا هى بلد آينشتاين وكانط وبيتهوفن وباخ وموتزارت ومئات غيرهم من ألمع الاسماء فى تاريخ البشرية. هل تعلمون كم من العلماء الألمان حصل على جائزة نوبل؟
إنهم 102، نعم مائة واثنان عالم! والاقتصاد الالمانى هو الأول فى أوروبا، وهو رابع اقتصاد على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة والصين واليابان،ولكن صادراتها هى رقم واحد بإجمالى يقرب من 1300 مليون دولار، ولذلك لم يكن من الغريب أن تكون ألمانيا هى مقر أكبر المعارض والأسواق والمؤتمرات الاقتصادية الدولية التى تعقد فى فى مدن مثل هانوفر وفرانكفورت وكولونيا ودوسلدورف.. هذه الحقائق وغيرها كثير ليس من الصعب ان تشعر بها وتلمسها حتى ولو كنت تعيش فى قرية صغيرة فى أقصى الجنوب. لماذا يتفوق الألمان ولماذا يبدعون؟ هذا سؤال يطرح نفسه بالقطع ويستحق إجابة، بل إجابات عنه!