يعاني الوطن من أمية القراءة والكتابة.. وعجزنا خلال قرن كامل عن مواجهة هذه الأمية التعليمية.. وكان من أهم برامجنا هو كيفية مواجهة هذه الأمية التي تكاد تقترب من50٪.. وأخطرها تزايد الأمية بسبب التسرب من التعليم.. ورغم إلزامية التعليم الأساسي.. فإن مدارسنا هذه عجزت عن مواجهة أمية القراءة والكتابة..
ولكن عندنا أمية أخطر هي الأمية السياسية.. أو الوطنية.. والقومية.. فالأكثرية تعترض علي زيادات بعض الأسعار بسبب إلغاء نسبة من الدعم الحكومي لكثير من السلع.. وسبب هذا الاعتراض الأول هو غياب الوعي السياسي أو الوعي القومي.. وكأننا نرفض أي اصلاح اقتصادي يستهدف المستقبل..
<< وللأسف تستغل بعض الصحف غياب هذا الوعي القومي وتلعب بعواطف الجماهير وتدغدغ حواسه، بدعوي أنها تدافع عن مصالح البسطاء، أو الفقراء.. دون أن يدري الكل: الصحف وأيضاً من لا يفهم الهدف الأسمي ـ انهم يحاربون أي محاولة لعلاج الأوجاع الاقتصادية للوطن..
<< وهنا نسأل: هل كان الشعب المصري عام 1919 أكثر وعياً بمشاكل الوطن عما هو الآن.. رغم أن نسبة الأمة أيامها كانت أضعاف الموجودة الآن.. وأقصد بها أمية القراءة والكتابة.. ورغم ذلك فإنه لم تمض ساعات علي اعتقال سلطات الاحتلال الزعيم سعد زغلول يوم 8 مارس 1919، حتي اندلعت ثورة شعبية عارمة في اليوم التالي مباشرة لتعيش الأمة المصرية أعظم ثورة في تاريخها كله.. فهل كان الشعب المصري يمتلك وعياً سياسياً وقومياً ووطنياً أكبر مما هو عليها الآن.. رغم انخفاض نسبة أمية القراءة والكتابة..
<< تلك مهمة علماء الاجتماع وعليهم أن يشرحوا لنا كيف حدث ذلك رغم أن الفلاحين كانوا هم الوقود الأساسي لتلك الثورة من حوالي قرن من الزمان. وما إن جاءتهم شرارة الثورة من الطلبة ومن الطبقة المتوسطة.. حتي هبت جموع الفلاحين تنطلق في ثورة عارمة جارفة.. وقد يقول البعض إن من أهم أسباب ثورة 19 وانغماس الفلاحين فيها كانت الأوضاع الاقتصادية التي عاشها الشعب طوال سنوات الحرب العالمية الأولي من استيلاء الإنجليز علي حاصلات الأرض الزراعية دون أن يدفعوا الثمن.. وأيضاً عندما كانت قوات الاحتلال تجبر الفلاحين علي العمل في مد خطوط السكك الحديدية وتمهيد الطرق في فلسطين مثلا، لخدمة أغراضهم ولا ننسي هذا النداء الحزين الذي يقول: ولدي يا ولدى.. والسلطة أخدت ولدي.. ونفسي أروح بلدي..
<< كانت الأمة أيامها أكثر وعياً.. رغم أميتها الأساسية قراءة وكتابة.. ولذلك قامت بالثورة ضد الاحتلال وانطلقت وراء قيادتها القوية ويبقي السؤال: كيف نحيي هذه الروح القوية بين الشعب من جديد.. حتي يقتنع بقبول أي اجراءات اصلاحية اقتصادية ويتنازل عن بعض ما تقدمه الدولة اليوم.. لينعم الشعب في يومه.. وفي المستقبل.
مطلوب إحياء الوعي القومي لا سيما وأن هذا الشعب قام بثورتين رائعتين في يناير 2011 وفي يونية 2013.. والشعب العظيم قادر علي عمل المستحيلات.