الوطن
نشوى الحوفى
عزيزى المواطن أياً كان موقعك.
■ وأبدأ بالمواطن الرئيس.. أدرك حجم ما يحيط بنا من تخطيط متشابك ومعقد عبر مصالح متضاربة.

نعم أتابعه بلسان وفكر من يدّعون أنهم يقودون العالم أو يسعون للبقاء على قمته حتى لو كان ذلك على حساب ملايين الضحايا من كل لون وجنس.

أقدر عظم المسئولية التى تتحملها فى الداخل والخارج لكى تحمى بلادنا وأهلها من مصير خُطط له على كافة المستويات منذ سنوات ومنحناه بغياب الرؤية وتشتت القوة وفساد الضمير قبلات الحياة. ولكن المواطن الذى منحك صوته ودعمه ومساندته وما زال بحاجة إلى يد القانون تسنده فتحميه من فساد توحش فى بلادنا، وغلاء أسعار لم يجد من يردعه، يحتاج لثقة فى وطن يرتقى بالمخلصين ويعاقب المفسدين بمنطق حاسم لا يعرف المجاملات ولا يعترف بالعلاقات. تخيل أيها المواطن الرئيس لو أننا صحونا فى ذات يوم على إحالة ثلاثة فاسدين تاجروا بقوت الشعب واستباحوا أمنه القومى لمحاكمة عسكرية انتهت بسجنهم مدى الحياة ومصادرة أموالهم. حدثٌ لن يردع سلسلة الفساد وحسب، ولكنه سيؤكد للمصريين أنهم يعيشون فى وطن أصر على اجتثاث الفساد من جذوره.

المواطن الرئيس.. تسعى لنهضة لن تستقيم طالما بقيت عقول يسكنها إرهاب وضمائر غلبها الفساد.

■ وأذهب للمواطن الموظف فى كل قطاعات الدولة من العاملين الذين بلغ عددهم سبعة ملايين فى غفلة من إصلاح وإدارة ورؤية على مدى سنوات مضت.. أعلم أنك جزء من انهيار منظومة متكاملة فى التعليم والتربية والدعم المجتمعى لسنوات، ولكن أين دورك أنت فى تطوير ذاتك وإدراك عالمك بوعى؟ أين حسك بالله ويوم تلقاه فيه فلا ينفعك إلقاء اللوم على الدولة والمجتمع والناس والحكومة و«على قد فلوسهم»؟ أين ضمير أجدادك الذى جعلهم ينتقون الريشة لتكون ميزان نظافة القلب ومعيار نقاء النفس عند الحساب والتقييم فى العالم الآخر؟ أين أنت من موقع مسئولية كان عليك فيها أن تحارب فساد نفسك وشيطان هواك؟ تلعن الفساد الممارَس عليك فى دروس خصوصية وغلاء أسعار وإنهاء أوراقك أنت ومن تعول، وانعدام ضمير شابَ كل معاملاتك المالية، ولكنك لا تذكر أبداً أنك تمارس نفس الفساد بمنطق دورة حياة الإسكارس. تجيد إعلان المبررات بكل الضمائر الغائبة «هم وهو»، لكنك لا تجيد مواجهة ذاتك ومعاتبة الأنا ومحاسبتها إن أخطأت. تبحث عن الحقوق وتنسى الواجبات وأنت تبسمل وتحوقل وتكبر وتهلل غائباً عنك المعنى الحقيقى للتدين: «سمو النفس ورقيها».

صدقنى عزيزى المواطن.. ربما تنجح فى الهروب من المحاسبة عن فسادك أو إفسادك فى الدنيا ولكنك لن تستطيع ذلك فى يوم تراه بعيداً ويراه الخالق قريباً.

■ وأخاطب المواطن القابع أمام القنوات ممسكاً بالريموتات، من هجر الأقارب والصحبة والجيران ورضى بصحبة مواقع وهمية على فضاء باتت فيه المعلومات ابنة حرام ليس لها من مصدر ولا سند ولا... يهم. أعلم حاجتك للتسلية والفضفضة والتثقف والعلم وفش غلك من مسئول أهدر حقك ولم يدعمك، ولكن لماذا تتنازل عن أمانة عقلك التى خصك الله بها دون مخلوقاته حينما قررت حملها دون الجميع بظلم وجهل؟ رفضتها الأرض والسماء وحملتها أنت، فلماذا تتنازل عنها اليوم طواعية لمن منحوك الضحالة فى الثقافة والتدنى فى لغة الحوار والتشويش فى المعلومة والكذب فى التوجه؟ لماذا منحتهم مقود عقلك طواعية وكأنك مغيب لا تملك القرار؟ لماذا تركتهم يسلبونك ستر الفكر ويمنحونك فقره؟ لماذا تكاسلت عن حماية وعيك ووعى من حولك وأنت تردد كل يوم بثقة أننا نعيش حروب تسييح العقول؟

عزيزى المواطن التابع لكل هؤلاء.. لن يستقيم حالك إلا بفكر أنت صانعه وقوت أنت منتجه ورؤية تشارك فى الوصول لها فلا تبِع عقلك لأحد.

عزيزى المواطن أيا كان موقعك.. أنت راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف