الأهرام
يوسف القعيد
أيام مصرية
وهى مجلة شبه دورية يصدرها الباحث الشاب أحمد كمالي. يعاونه ويساعده زميله عمرو إبراهيم. وقد حدثت لها نقلة إخراجية فى السنوات الأخيرة بعد أن تطوع الفنان الكبير حلمى التونى وهو من هو مبدعاً وفناناً تشكيلياً كبيراً ويوشك أن يكون مدرسة فى إخراج المجلات وتصميم أغلفة الكتب لدرجة أنك عندما تشاهد لوحة من إبداعاته أو كتاباً صمم غلافه أو مجلة وضع ماكيتها. حتى لو لم يكن توقيعه موجوداً ستقول هذه روح وإبداعات وتجليات حلمى التونى، شمل حلمى التونى المجلة برعايته وعنايته.

أيام مصرية أصدرت حتى الآن 55 عدداً. بخلاف الأعداد الخاصة التى أصدرتها وما أكثرها. ويكفى أن يقرأ الإنسان عناوين بعض الأعداد: نجيب محفوظ مائة عام. مصر فى عام مولده. الإذاعة المصرية شاهدة على العصر. سبعون عاماً 1934 ـ 2004. البوليس المصرى فى مائة عام 1900 ـ 2002. الجامعة المصرية فى مائة عام. تاريخ المكان. نقابة المحامين مائة عام. المقاولات فى عصر محمد على باشا. مصر عام 1932 وتأسيس شركة مصر للطيران. وثلاثة أعداد عن الملك فاروق: فاروق الأول من الميلاد إلى الولاية 1920 1936. ثروة فاروق: القصور، الأراضي، الأسهم، الضرائب 1936 1952. محاولة أمريكية لإنتاج فيلم عن محمد على باشا سنة 1949.

وعندما نعرف أن هذا المشروع ينتمى للمبادرات الفردية التى يقوم بها المجتمع المدنى بعيداً عن الدولة ومؤسساتها. اللهم إلا بعض المساعدات غير الثابتة من بعض الجهات. سندرك أن المبادرات المجتمعية يمكن أن تقدم لثقافة وصحافة مصر الكثير. لأننا يجب ألا نجلس منتظرين أن تقوم الحكومة بكل المطلوب.

لا يقابلها فى حدود علمى ومتابعتى سوى مشروع ذاكرة مصر الذى تصدره مكتبة الإسكندرية. ويتولى الإشراف عليه الدكتور خالد عزب. يكمل بإمكانات المكتبة التقشف البادى فى مشروع أيام مصرية بسبب ظروف التمويل الغائبة. ولذاكرة مصر مبادرات مهمة قد تأخذنى مما أنوى كتابته عن أحمد كمالى ومشروعه.

العدد الجديد من مجلة أيام مصرية من المتوقع أن يكون فى الأسواق الأسبوع المقبل عدد خاص عن سنة 1939 باعتبارها السنة الأولى فى الحرب العالمية الثانية. والعدد يركز على تأثيرات هذه الحرب على مصر فى مختلف المجالات. فرغم الشعار الذى رفع وقتها أن هذه الحرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل. إلا أنها أثرت على المصريين جميعاً.

فى هذه السنة أنشأت الحكومة لأول مرة وزارة للشئون الاجتماعية. وكانت أهدافها: تحسين أحوال المعيشة ومحاربة الاتجار بالنساء والأطفال. وتشرف على الإذاعة المصرية. وفى نفس السنة تم إنشاء مجلس أعلى للتموين. وفرض تسعيرة جبرية على التجار. ومصادرة الممتلكات والمؤن عند اللزوم. ودراسة تحويل القمامة إلى سماد.

غير أن الحدثين المهمين فى هذا العام يدوران حول شخصيتين من شخصيات تاريخنا الحديث. الأول حول استقالة محمد طلعت حرب باشا نهائياً من بنك مصر. وذلك بعد الأزمة المالية الحادة التى ضربت بنك مصر. وفى خطابه الأخير أمام الجمعية العمومية لبنك مصر. فإن طلعت حرب يرحب بتحويل البنك الأهلى لبنك مركزى مصري.

أحد مؤسسى الاقتصاد المصرى فى مواجهة هيمنة الاستعمار البريطانى ينصح المصريين بضرورة الاقتصاد فى المعيشة. وينصح الحكومة بعدم تصدير الذهب للخارج. لا تمر مرور الكرام على خروج طلعت حرب من بنك مصر. وهو لم يخرج من البنك وحده ولكن من عدد كبير من المشروعات التى أسسها وأرسى دعائمها. وفى كل منها اسم مصر.

وعند الكتابة عن أخلاق المصريين فى زمن الحرب الصعبة. نصل إلى الخبر الثانى المهم: هدى هانم شعراوى تبرعت لأيتام الصين بمائة جنيه مصرى وأرسلت المبلغ بواسطة بنك مصر. أرسلته إلى عقيلة المارشال شيانغ كاى شيك فى الصين. المائة جنيه كانت ذهباً. وقد عرفت من خبراء الاقتصاد أن هذا المبلغ وقتها يساوى الآن 300 ألف جنيه مصري. وكم نحن بحاجة لقراءة تاريخنا حتى نستطيع أن نحدد خطوات مستقبلنا.

ومن الأخبار المهمة أن شركة مصر للطيران استقبلت طيارين من الحجاز لتدريبهم على الطيران.

وحكومة تلك الأيام تفرض الرقابة على الصحف والإذاعة. ورئيس الحكومة يتعهد بتمكين ذوى الكفاءات والتقشف ومراعاة الفلاحين والعمال. وأن الحكومة قد فرضت ضرائب جديدة. وقد علق طلعت حرب على الضرائب الجديدة بأن سكان البلاد سوف يتعودون عليها ويتعاملون معها. هل أقول ما أشبه الليلة بالبارحة؟!.

ومن أجواء الحرب تنقل الصحف أنه تم القيام بغارة وهمية على مدينة القاهرة. وأن المصريين باقون فى الشوارع رغم صفارات الإنذار. فقد كانت القاهرة هدفاً لغارة جوية وتم التركيز علي: تجديد وسائل الدفاع نهاراً وليلاً. إخلاء الشوارع. تدابير الإسعاف. إطفاء الأنوار.

إنها الحرب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف