الوفد
عباس الطرابيلى
تعلموا التقشف من.. تونس!
ليس عيباً أن نتعلم من غيرنا. وهذه هي تونس، التي بدأت فيها ثورات الربيع العربي ثم صدرتها إلي كل من في شرقها: ليبيا. مصر. سوريا. اليمن.. وإلي أيضاً غربها..ها هي تعطينا المثل ـ أيضاً علي التقشف وعلي ايقاف نزيف السفه الإنفاقي.. بينما نحن ـ في مصر مثلاً ـ نعطي مثلاً عكسياً تماماً!!
إذ في الوقت الذي يقر البرلمان المصري ـ ويا ليته ما فعل ـ زيادة بدلات النواب، وبل حضور الجلسات والعلاج واللجان.. وتسرع الحكومة المصري لتسير علي نفس الطريق فتقرر زيادة مرتبات الوزراء والمحافظين ومن في مستواهم.. كما تقرر أيضاً زيادة معاشاتهم، بعد عزلهم من المنصب الوزاري.. في هذا الوقت بالذات تحصل علي المركز الأول في التقشف الإنفاقي. إذ أعلن رئيس حكومتها يوسف الشاهد تخفيض المنح والامتيازات المخصصة لوزراء حكومته في خطوة للحد من الإنفاق العام.. وقال بيان للحكومة إن رئيس الوزراء قرر تخفيض كل ذلك بنسبة 30٪ شهرياً. كما قرر تخفيض حصة الوقود للوزراء بنسبة 20٪. وهذه التخفيضات وهي حوالي 1000 دينار تونسي تعادل 455 دولاراً لكل عضو في الحكومة.
<< وإذا كان هذا التخفيض ليس كبيراً.. إلا أن معناه هو الكبير.. لأنه يقول للشعب إن الحكومة جادة في الاصلاح الاقتصادي.. ولذلك إذا طلبت الحكومة من الشعب أن يخفض من استهلاكه.. أو تقلل الحكومة من دعمها لبعض السلع، فإن الشعب سوف يستجيب فوراً.. ودون مناقشة.. بل ودون مزايدات من الإعلام سواء من المصفقين أو الرافضين.. بينما يشكو الشعب ـ في مصر ـ مما يقال أو يشاع عن ارتفاع رواتب أهم ثلاث فئات في مصر وهي القوات المسلحة ـ والقضاء والشرطة!!
<< ولهذه الأسباب يعترض الناس عندنا من تخفيض نسبة الدعم الحكومي للسلع الأساسية، رغم أن هذه الخطوة هي الأهم علي طريق الإصلاح الاقتصادي. ولذلك فان الناس يردون علي هذه الاجراءات بأن علي الحكومة أن تبدأ بنفسها وتتبع سياسة تقشفية واضحة المعالم بدءاً من خفض رواتب كبار المسئولين ـ وليس زيادتها ـ وتنظيم تسيير سيارات الوزراء، ومن في مستواهم للحد من استهلاك وقود السيارات. واحسبوا معنا كم سيارة مخصصة للوزير وكم سيارة لكل كبار مسئولي الوزارة.. وهذه لمعالي الوزير..وتلك لأسرة معالي الوزير.. وثالثة لأنجال معالي الوزير.. بكل ما يتبع ذلك من وقود وزيوت وصيانة وإصلاح.. بل واستهلاك للسيارات نفسها!!
<< ولماذا لا ننفذ ـ عندنا ـ ما قررته تونس بتخفيض نسبة الإعفاء من استخدامات الوقود بنسبة 20٪ للحد من الإسراف في هذا البند وحده؟.
وما بالنا من تعاظم استهلاك الوزارات من الكهرباء والمياه.. وهل تستخدم الوزارات اللمبات الموفرة للطاقة؟.. وهل تضبط درجات أجهزة التكييف بكل المكاتب الحكومية.. عند 26 درجة مثلاً.. بل هناك من يقوم بإطفاء أنوار المباني الحكومية بمجرد مغادرة الموظفين لمكاتبهم.. وهل يتابع الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء هذا السلوك الضروري؟.
<< أم أننا لا نعرف معني التوفير في الإنفاق الحكومي ـ ككل ـ بينما لا نجد من الحكومة إلا أن تطالبنا ليل نهار بالتقشف.. ونسينا المثل الشعبي الذي يقول: ما يجمعه النمل في سنة.. يأخذه الجمل في خفه!» والجمل هنا هو الإنفاق الحكومي، في كل شيء.
وتعالوا نتعلم من تونس.. وليس هذا عيباً.. بل هو عين العقل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف