فيتو
أبو الفتوح قلقيلة
ارضوا شعبكم بالعدل.. تهابكم أمريكا
منذ سنوات وأنتم تأكلون فطر الإرجوت السام والمسرطن.. ماذا يهم!، المهم أن نحشد كل قوانا لتأييد الرئيس في إحدى رحلاته الخارجية وأن يشعر العالم أجمع بأننا في أحسن حال وأن الشعب سعيد ومبسوط.. أما عن أزمات الوطن الداخلية والغلاء وانعدام الإنتاج الفعلى والاعتماد على اقتصاد الريع الفاشل، فكل هذه شكليات وأمور هينة وتفاهات يروجها أعداء الوطن للتغطية على كل هذه الإنجازات! عظيم ما هي هذه الإنجازات؟..كل واحد ينظر حوله ويرى الإنجاز الذي لمسه وشعر به وأثر في حياته.

نعم قد تبدو هذه سخرية سوداء كئيبة ولكن الواقع أشد سوادًا وأمر ولا يطاق، فمهمة أي حكومة وخطة أي نظام في العالم هي أن يسترضى شعبه أولا بكل ما أوتى من قوة وخبرة وإستيراجيات وإعلام موجه وحكومات تنفيذية تقوم على خدمته ثم تبيان كل ذلك للعالم بشكل طبيعى صادق غير مبالغ فيه، أما عندنا فالعكس هو المفروض وهو المطروح، المهم أن يرانا الغرب متحدين وسعداء ومنتشين بإنجازات وهمية ومن فرط سذاجتنا نتصور أن هذا الغرب لا يقرأ ولا يحلل ولا يتابع ولا يصور ولا يدقق ولا ينتقد كل ما يحدث عندنا بدون جواسيس وبدون أجهزة مخابرات، الواقع صار كاشفا لكل ذلك في عصر مفتوح صارت فيه السموات والأرض قرية واحدة محددة الأبعاد ومليئة بالمرايا العاكسة.

فبالأمس تم حشد العشرات لتأييد السيد الرئيس امام مقر الأمم المتحدة بأمريكا التي يعتبرها النظام الحليف الإستراتيجي الأول له في العالم، بينما يصورها إعلامه الرسمى وشبه الرسمى الموجه على أنها عدو ومخرب وبلطجى متآمر على مصر ونظامها، امريكا هذه تعرف جيدا أن اقتصادنا متدهور ومتهاو وأن هناك سوقا سوداء تتحكم في سعر صرف الدولار الذي تغول على الجنيه حتى صار بلا قيمة تقريبا.

تعلم أمريكا كل هذه بلا صخب وبلا خيانة وبلا مقالات صحفية أو برامج تليفزيونية أو حشود دعائية تصور البحر طحينة كما يقول العامة.. تعرف كل هذا هي وكل دول العالم من استدانتها من البنك الدولى وصندوق النقد اللذين تتحكم فيهما علانية، تعرف كل هذا من قرارات القيمة المضافة ومحو الدعم عن الغلابة بأوامر رجالها وسيداتها في هاتين المؤسستين، تعرف عنا أكثر مما نعرف عن أنفسنا بانصياعنا التام كحكومة لأوامرها، تعرف أن عيشتنا لا مؤاخذة سوداء وأننا لا ننتج غير تهليل وغناء تغيبى ملىء بالنفاق.. لماذا نقوم إذن بكل تلك الحركات المكشوفة أمامها؟!

كان أهم من أمريكا واللى جاب سيادتها واللى ودانا عندها صدور قرار واحد رسمى يتسم بشىء من العدل والانحياز التام لمظاليم الوطن وهم أكثريته من الفقراء، كان أهم من رضا الست أمريكا وفرجتها على تأييدنا للرئيس أن يشعر شعب الرئيس في الداخل وليس ممن يعيشون خارج الوطن منعمين مترفين مرفهين بقرار واحد، نعم واحد وأوحد ينحاز لذوى الرواتب الضعيفة المحرجة أمام أصحاب الرواتب الفلكية مثلا، ساعتها سيصل صدى ذلك لأمريكا واللى جاب أمريكا للوجود !

نحن لا نخترع السياسة ولا نطالب بمعجزات حكومية أو قرارات مستحيلة تحمى النظام قبل أن تحمى شعبه، نريد خبزا بدون فطر الإرجوت، نريد عدالة في الرواتب وتوزيع الثروات على المصريين جميعا، نريد مساواة أمام القانون، نريد تعليم وعلاج للجميع بدون تمييز، نريد مجتمع لا يسيره رجال المؤسسات الدينية وفق هوى من يحكومنهم، نريد أن نكون مثل خلق الله الذين يحيون ويتقدمون بعدل الله وسنته في الكون، نريد حقنا في الحياة..

وقبل ذلك فقط نريد أن يعلم الجميع وعلى رأسهم رموز النظام أن أمنكم الحقيقى وسيادتكم الفعلية وصورتكم الوردية يجب أن تكون نابعة من الداخل بلا رتوش أو مكياج أو محسنات شعبوية مصطنعة زائفة، فقط ارضوا الداخل وسيحترمكم الخارج وينبهر بكم ويخشاكم أيضا.. غيروا قناعاتكم وارضوا شعبكم بالعدل والمواطنة الحقة يهابكم الجميع ويتوددون إليكم فلا تحتاج للذهاب إليهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف