الوفد
ناصر فياض
«شحن» المواطنين!
أزعم أننا نعيش حرب جديدة تتعلق بتجاوز مرحلة الشائعات، والدخول بسرعة إلى مرحلة «الشحن» لا أقصد أزمات كروت الشحن، ولكن أقصد الشحن المعنوى للمواطنين، فالشائعة تنطلق وتأخذ مجراها بين الناس بسرعة البرقفى وسائل التواصل الاجتماعى وغيرها، دون ضغط على الناس بتصديقها أو تكذيبها أو حتى تجاهلها، ولكن أرى أننا نعيش الآن مرحلة أولى من مراحل الشحن المعنوى السلبى، مثلاً الحكومة تقرر رفع أسعار سلعة معينة، ينتج عنها حالة استياء بين محدودى الدخل، فيقوم المدافعون عنها بعملية شحن مضادة، لإقناع الناس بكل الطرق لقبول الزيادة الجديدة، وذلك من خلال عملية شبه معقدة قد ينتج عنها اقتناع وقتى لدى بعض الناس بقبول الزيادة، ليس ذلك فقط بل والاستعداد لقبول زيادات أخرى قادمة، إذن الحكومة تعتمد على جهات عديدة لإقناع الناس برؤية معينة أو اتجاه معين، وتصدق بأن الناس قد اقتنعوا، وهم غير مقتنعين تماماً، والنتيجة نراها كل يوم فى تصريحات لرئيس الحكومة والوزراء، بأن كل شىء تمام، وأنهم يحمون محدودى الدخل، ويراعون ظروفهم، طبعاً كلام يسخر منه محدودو الدخل، ولكن المسؤولين يعلمون أن الناس ربما لا تصدقهم، وأن عملية الشحن المعنوى، والترويج لأفعالهم، مهمة للإقناع، من خلال رجالها فى الإعلام، والمصفقين لها والمنتفعين منها، وهنا تزداد الفجوة، وتنعدم الثقة.
قد يقول قائل إن كلمة شحن تتعلق بالأجهزة الحديثة، وليس لها علاقة بالإنسان، وأحيله إلى دراسة حديثة أعدتها الدكتورة أفنان نظير دروزه، الخبيرة العالمية فى علم النفس التربوى، أكدت أن الطاقة الروحية تنتقل بين الأشخاص وتتسرب إليهم كما تتسرب الطاقة الكهربائية بين الأجسام, فتشحنهم من حيث لا يدرون بطاقة معنوية تجعلهم يشعرون بأنهم غير الأشخاص الذين كانوا، وغير النفسية التى كانوا يعيشون بها، وكأنهم خلقوا من جديد، ودبت فيهم الحياة من جديد. وإن كان الشحن المادى يتم عن طريق توصيل أسلاك كهربائية بين الأجسام، فإن الشحن المعنوى يتم عن طريق الاتصال الروحى والدعم المعنوى بين الأفراد، إما بالكلمة الحلوة، أو الابتسامة الصافية، أو الاهتمام الملحوظ، أو النظرات الموحية، أو الكلمات المشجعة، أو اللمسات الجانية، فكل هذه الحركات والإيماءات والكلمات والابتسامات تفعل فعل السحر فى الإنسان فترفع من معنوياته وتبعث طاقاته وتجدد حيويته وتطلق أساريره، وتحرك مشاعره وتعيد الثقة إلى نفسه، فتشعره بالانبساط بعد أن كان حزيناً وبالشباب والحيوية بعد أن كان يائساً، وتجعله يرى الحياة بمنظار التفاؤل. وإن كان الشحن المادى لا يتم إلا بتفريغ الطاقة الكهربائية من الجسم المشحون إلى الجسم غير المشحون، كذلك الشحن المعنوى.
أما الشائعات فيختلف أثرها وهدفها والغرض منها ومن يروجها تبعاً لنوعية الموضوع.
والإشاعة قد تكون مجهولة المصدر ولكن يتناول انتشارها الناس فيما بينهم لغرض ودائماً ما تبدأ الاشاعة بخبر وعند تداولها يزداد مفهومها بمهارة وكفاءة ناقلها.
الإشاعة من النواهى فى الأديان وأجيز بعض منها فى الحروب ولكنها تظل من الأشياء المنبوذة. من قبل كانت الإشاعة تحاصر ولا يمكنها الانتشار بالكمية والقوة التى عليها الآن والسبب ضغط الاتصال بين القرى والمدن والبلاد، والآن تتفشى فى دقائق كل أرجاء العالم بسبب وسائل التواصل الاجتماعى. نأمل مصر الأمن والسلام، وحفظ الله وطننا، من كل سوء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف