الجمهورية
طارق الأدور
الفشل الأوليمبي "5"
بعد الطفرة العلمية الكبيرة التي اجتاحت مجال الرياضة في السنوات الأخيرة. لم يعد هناك مجال ومكان للتفوق الفطري للرياضيين وأصبح العلم هو الذي يصنع الأبطال بالمقاييس الانثروبولوجية السليمة التي تضع الطفل منذ نعومة أظافره في الرياضة المناسبة لامكانياته الوراثية والبشرية حتي يصبح خلال سنوات بطلاً عالمياً.
ففي الماضي كان الاختيار في اللعبات التي تحتاج لقوة عضلية مثل رفع الأثقال والملاكمة يكون للرياضي صاحب العضلات المفتولة والبنيان الجسدي القوي ليتم صناعة بطل منه خلال سنوات قليلة.
ولكن مع تطور العلم لم يعد التفوق دائماً للبنية العضلية القوية بقدر مقاييس أخري لاستجابة العضلات غير الكتلة العضلية الكبيرة والمثال لذلك نعيم سليما نوجلو الرباع التركي "البلغاري الأصل" الذي يعتبر بكل المقاييس أعظم رباع في التاريخ رغم أنه لم يكن يملك كتلة عضلية ضخمة ولكنه كان يملك مقاييس عضلية تستجيب للتطور أثارت دهشة العلم والعلماء.
هكذا أدركت العديد من دول العالم ظاهرة التخصص الرياضي عن طريق دراسات دقيقة للرياضات التي تناسب الجنس البشري للدولة والقدرات العضلية واستجابتها للتدريبات في هذه اللعبة إلا نحن في مصر.. مازلنا نشارك في كل اللعبات بلا استثناء حتي تلك التي نعلم علم اليقين أنها من المستحيل أن تحقق ميداليات علي المستوي الأوليمبي بينما تحتاج في مصر إلي التخصص في بعض الرياضيين التي حققنا ومن الممكن أن نحقق فيها إنجازات عالمية لو ازداد الاهتمام بها والتي ذكرتها مراراً في هذا المكان وهي رفع الأثقال والمصارعة والملاكمة والجودو والتايكوندو والسلاح.
وسألني العديد من القراء والزملاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. لماذا هذه الرياضات بالتحديد وكيف علمت أنها الأنسب للرياضيين في مصر.
والإجابة أنها بناء علي القياسات العلمية هي المناسبة للجنس البشري المصري الذي ينتمي إلي منطقة البحر المتوسط مع الوضع في الاعتبار أن اللعبات الجماعية مثل كرة القدم واليد والسلة والطائرة تخضع لمقاييس أخري لأنها لعبات لا يكون فيها دور للاعب بعينه وإنما بقدرات الفريق بشكل عام.. ولكنها أيضا أصبحت تحتاج لقدرات بدنية وعضلية خاصة يتم علي أثرها الاختيار وبخاصة الطائرة والسلة التي تحتاج إلي عنصر الطول واليد التي تحتاج إلي مقاييس كثيرة وعلي رأسها طول الذراعين والعضلة.
وحتي أمريكا إحدي دول الجنسيات المتعددة التي تقول الأبحاث الوراثية إنها قادرة علي إنجاب رياضيين متميزين في لعبات كثيرة بحكم أن الشعب الأمريكي جاء من تزاوج أجناس بشرية متعددة مثل الهنود الحمر والزنوج والبيض القادمين بالهجرة منذ بضع قرون من كل قارات العالم.. أقول حتي أمريكا لم تعد تهتم بكل الرياضات علي طريقة المساواة والدليل أنها حققت ثلاثة أرباع ميدالياتها في أوليمبياد ريو في 3 لعبات فقط هي السباحة وألعاب القوي والجمباز.
وتأتي المشكلة لدينا أن اللعبات الستة التي تناسب إمكانياتنا لا يوجد لدينا فيها قاعدة واسعة للممارسة وبالتالي تعدد الاختيارات. لذلك فإن ظهور نجوم في رفع الأثقال أو الجودو أو التايكوندو يكون دائماً بالصدفة وبتفوق شخصي للاعب يعتمد أكثر علي أسرته في التدريب أو يتبناه شخص ثم يقوم اتحاد اللعبة بالاعتماد علي هذا الرياضي للصرف عليه بشكل فردي قبل الدورات الأوليمبية ليحقق الإنجاز الذي يأتي في المقام الأول بجهود ذاتية للرياضي وهو الأمر الذي أكده العديد من الرياضيين والرياضات المشاركين في دورة ريو مؤخراً.
أما كيفية إيجاد قاعدة للعبات التي يمكن نحقق فيها إنجازات. فتلك قضية أخري أتناولها لاحقاً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف