المصرى اليوم
نيوتن
أيهما أولى؟
انقضى عيد الأضحى. حصلنا على 10 أيام أجازة. لكن مصر حزينة هذا العام. طلبت من الحكومة السعودية زيادة أعداد الحجاج المصريين لـ90 ألفا. حصلنا على 80 ألف تأشيرة فقط. طبقا للأرقام التى أعلنتها غرفة السياحة. موزعين على ثلاث جهات: حجاج القرعة ويتم خدمتهم عبر بعثة الحج المصرية، وحجاج الجمعيات، وثالثا حجاج الوكالات والشركات السياحية، بلغ عددهم 33 ألف حاج هذا العام. إنه النوع الأكثر تكلفة. وصلت هذا العام إلى نحو 200 ألف جنيه تقريبا للشخص الواحد. كان هذا النوع من الحج تكلفته 4 آلاف جنيه عام 1984.
نحن نتحدث عن مليارات تنفق سنويا لأداء شعيرة الحج. فضلا عن تلك التى يتم إنفاقها فى مواسم العمرة المتتالية. لا بأس. لكن هناك سؤال يؤرقنى ليس وحدى بل يؤرق الكثير من المصريين. سؤال يتعلق بمقاصد الحج. بمقاصد الدين ذاته. ربما يكون لدى مشيخة الأزهر إجابة عنه. ربما لدى دار الإفتاء.

فى الإجابة عن هذا السؤال مصالح ملايين الفقراء. معروف أن الإنسان لا يحج وفى رقبته دين لأحد. فكيف أذهب للحج. أنفق كل هذه الألوف وفى رقبتى من لا يجدون ماء نظيفا للشرب. لا يجدون الدواء. كيف أحج وشقيقى أو شقيقتى تحتاج لجراحة لإنقاذ حياتها. هل الحج فى هذه الحالة حلال؟. نريد أن نمد الخط على استقامته. وشقيقى فى الدين وفى الإنسانية وشقيقى فى الوطن لا يجد قوت يومه. هل هذا حلال؟.

الفقهاء يسروا الأمر فى مسألة الأضاحى. ابتكروا مشروع صك الأضحية. فلماذا لا يكون هناك صك للحج، بحيث لو أديته ودفعت لإنقاذ أهلى وناسى يكون مقبولاً. ليس هناك شىء أكثر تحضراً من ذلك. يمكن تحديد قيمة الصك. من يؤديه كأنه قام بالحج. خصوصاً أن الحج مشروط بمن استطاع إليه سبيلا.

ماذا لو قررنا كمصريين أن نوظف هذه الأموال فى التعليم مثلا. أو لإنشاء 10 مصانع فى أفقر 10 قرى مصرية. أو لسداد دين أكبر عدد من الفقراء. أو لسداد تكاليف علاج أكبر عدد من المرضى الذين يحتاجون لعمليات جراحية عاجلة.

هل بذلك نكون قد عصينا الله؟. هل بذلك لن ننال الأجر والثواب؟.

مصر فى حالة اقتصادية سيئة. إن أردت الدقة مزرية. تتفاقم البطالة والديون يوماً بعد يوم. تتدهور الصحة والمواصلات. ينحدر التعليم للأسفل. قد يكون هذا حلاً جزئياً لمشكلة التعليم. قد نصنع نموذجا تعليميا أهليا فى محافظة واحدة أو فى محافظتين. نموذجا يحتذى به. نختار معلمين أفضل. من كليات الهندسة لتدريس الرياضيات مثلا. نختارهم من كليات الطب البيطرى أو العلوم لتدريس الأحياء والكيمياء للطلاب. نصنع بيئة تعليمية أفضل. وهكذا.

لا أتصور أن الدين يقبل بأن نظل فى ذيل الأمم لأننا نعجز عن التقدم العلمى. أو نعجز عن توفير احتياجاتنا الأساسية. والبطالة عندنا تضرب فى كل بيت. حل هذه المشكلات ضرورة دينية. هذه هى مقاصد الدين. نريد أن نسمو فوق الشعائر إلى المقاصد. هذا هو الإيمان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف