المساء
محمد جبريل
مثل من أوروبا
منطقة اليورو مستقرة. لا تعاني صراعات. ولا خلافات طائفية أو قبلية. بلغت في وطننا العربي حد الحرب الأهلية. وهو ما حدث. ويحدث. في السودان واليمن والعراق وسوريا وليبيا. والتوقعات قائمة.
عدا مواجهة أخطار التنظيمات المتأسلمة التي تشمل العالم كله. وإن اقتصرت في مدن أوروبا علي عمليات انتحارية محدودة التأثير. فإن الاستقرار لا يغري زعماء الغرب بالاقتصار علي الاتصالات الدبلوماسية بين الوزراء والمبعوثين. لكنهم يحرصون علي اللقاءات الموسعة والثنائية لمتابعة تطورات الأحداث. يتنقلون بين عواصم بلادهم. أو حتي بين مدنها المختلفة. تشغلهم القضايا الاستراتيجية. والمشكلات الطارئة التي تحدثها عمليات المنظمات المتأسلمة التي تستهدف تشويه الإسلام. يظل كل شيء في إطار المشهد العام للأحداث التي تعيشها القارة. تناقش الأخطار. وتطرح الحلول. بلا حاجة إلي اجتماعات تمهيدية ووفود. تعد للمؤتمر أو اللقاءات الثنائية. تصل المناقشات إلي قناعات. وتصدر قرارات ملزمة للطرفين أو لمجموعة البلدان.
الأمر في وطننا العربي يختلف. النيران مشتعلة في العديد من الأقطار بما يدعو إلي استمرار الحالة "ج" بلغة الأمن. ومهمة الجامعة العربية أن تمنع الأخطار قبل نشوبها. وتوقفها إن نجحت المؤامرات في إشعالها. لا حاجة بمؤتمر القمة إلي خطوات تسبق جلساته. وقضاء الأشهر في إعداد جدول الأعمال. ولا معني لانعقاد الجلسات دون اكتمال حضور قيادات القمة.
أرجو أن تذكرني بمؤتمر للقمة العربية اكتمل حضوره. لابد من غياب العديد من الرؤساء بصرف النظر عن الأخطار التي يواجهها الوطن العربي فترة انعقاد المؤتمر. روتينية الجلسات تتيح الغياب دون تنبه إلي التحديات التي بلغت حد مواجهة التآمر لتفتيت الأقطار العربية. وتحويلها إلي دويلات متصارعة. تنتهي إلي التذويب. وإلي البكاء كما النساء علي وطن لم نحسن الدفاع عنه كالرجال!
منطقة اليورو مثل للجدية التي يجب أن نتمسك بها في القضايا المصيرية. لا بأس بمظاهر الأبهة التي تسم الاجتماعات. بعكس البساطة التي نراها في اجتماعات الأوروبيين. بلا بأس حتي بتقبيل اللحي. وخطب الود والحماسة. والتأكيد علي التاريخ المشترك. لكن من غير المتصور أن نواجه التحديات التي تهدد مصير شعوب المنطقة بروتينية وظيفية. لا تقدم حلا ولا تمنع خطرا.
الأخطار ليست هامشية. لكنها في قلب التطورات. تنسج المؤامرات. وتصدر الإرهاب. وتعيد حكايات الرجل الأبيض مع الهنود الحمر. في سعيه إلي طرد أصحاب الأرض. وإحلال مهاجريه بدلا منهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف