من مئات السنين كان الإنسان يعتقد أن الأرض هي مركز الكون، وإستنتج-بالخطأ-من بعض الأديان ما يفيد ذلك، لكن وبعد أن إجتهد بعض العلماء أمثال كوبرنيقوس وجاليليو وغيرهم أفاق الإنسان من وهمه الكبير وتبين له أن الأرض ما هي إلا كوكب عادي ضمن العديد من الكواكب التي تتبع المجموعة الشمسية، والمجموعة الشمسية في مجرة- درب التبانة- ضمن أحد ملايين المجرات الموجودة في الكون الذي خلقه وأبدعه الله سبحانه وتعالي، لذا كم هو ضئيل حجم الإنسان بالنظر لهذا الكون، لكن رغم ذلك كرمه الله علي باقي المخلوقات الأخري. بعض البسطاء من الناس الذين تقتصر حياتهم وعلاقاتهم بمكان صغير قرية أو كفر أو غيره، يظل من يتصدرون عندهم المجالس أو المشهد عموماً صورهم تملأ عقولهم وتشغلهم علي الدوام، معتقدين أن تلك الرؤية تسري وتنطبق علي جميع الناس في كل الأماكن من هذا العالم. كتب أحد المدونين الشباب أنه وبعد أن أنهي المرحلة الثانوية خلال فترة حكم مبارك، وعندما سافركي يُكمل دراسته الجامعية بإحدي البلاد الأوربية المعروفة كان يعتقد في ذلك الوقت أن مبارك يحظي بنفس الإهتمام والشهرة التي كانت وسائل الإعلام سواء المرئية أو في الصحف في تلك الدولة الأوربية، لكنه تعجب عندما دار حوار بينه وبين أحد زملاءه الأجانب في الجامعة أن بعضهم لا يعرفونه والبعض الآخر يعرفونه إسماً فقط كجزء من ثقافتهم السياسية. في إحدي كليات جامعة إقليمية، كان زميل قد إنتهي من إعداده لرسالة الماجستير والتي كان يشرف عليها أحد الأساتذة بالكلية وكان يشغل منصباً إداريا بتلك الكلية، ولأنه كان يتصف بالبروباجندا والشو،إستطاع هذا الإستاذ أن يملأ ويشغل حيز كبير من عقل وتفكير من يشرف علي رسائلهم أو يرأسهم لدرجة أن زميلي هذا تصور-عن غير علم-أن شهرته تلك تسري في باقي الكليات المناظرة الأخري في كل الجامعات، لكن عندما تقابل زميلنا هذا مع بعض الأساتذة من جامعات أخري في نفس تخصص هذا الأستاذ في إحدي المؤتمرات، كانت المفاجأة له أن أحداً لم يعرفه أو حتي سمع عنه، ولأنه كان يتسم بالذكاء، إستنتج زميلي هذا أن الشهرة نسبية خاصة في النطاق المحلي. يُخطأ الإنسان عندما يتصور أنما يراه أو يتصوره-حسب رؤيته-حتماً يراه البعض الآخر وخاصة من البلاد الأخري كذلك،تلك الرؤية قد ينبني عليها أوهام تؤدي به الي الوقوع في مشاكل عديدة بعد ذلك، لذا يجب أن تكون النظرة للأمور مثل نظرة الطائر الذي يري الأشياء من فوق بنسبها الصحيحة حسب حجمها الحقيقي فلا يري الصغير كبيراً أو العكس، وأكيد الخروج من دائرة الرؤية الضيقة لا تتم إلا بالتوسع في الإطلاع علي الآخرين خارج دائرة الإهتمام المحدودة للإنسان حول ذاته أو المحيط في الضيق الذي يعيش فيه.