المساء
نبيل فكرى
تجربة ممدوح
كلما ارقنا الحديث عن المصانع والمؤسسات والقطاع العام والترهل. في سهرات الأصدقاء الممتدة حتي الصباح. استدعينا تجربة الصديق المكافح والفاهم ممدوح عبدالسميع جاب الله.. ابن ريف البحيرة المفعم بالمواهب والثروات. والذي وجد نفسه دون ترتيب منه ولكن بوعي وعلم ودراسة. نائباً لرئيس مجلس الإدارة ومديراً عاما لمؤسستين كبريين. إحداهما لتعبئة الغاز. والأخري لنشاط علي تماس أيضاً مع الناس.
ممدوح جاب الله وفق معطيات التركة التي ورثها. وجد نفسه في حالة أقرب إلي القطاع العام بكل مثالبه وعوراته. ولو كان ضعيف الإرادة. قليل الحيلة. لتخلي سريعا عن كل طموح. خاصة أنه تسلم المهمة في فترة الانفلات عقب ثورة يناير. فعاني من اضطراب العمال وطلباتهم التي لا تنتهي. ورحيل البعض ومزايدات آخرين. لكنه وقف في وجه كل الأمواج بمجداف واحد أصبح اثنين وثلاثة وألفاً.. أصر علي التحدي ومجابهة كل ما يحيط به من مصاعب.. أذكره في ليال كثيرة لا أحصيها يغادر بيته في منتصف الليل ليبيت في المصنع أو في الشركة. ولا زال علي تلك الحال إلي الآن ليكون حاضراً قبل البداية وفي النهاية وبعدها.. وضع نظاماً حديثا استند فيه إلي دراساته وخبراته كمتخصص كبير وخبير في المحاسبة وإدارة الأعمال. وأجبر الجميع قصراً أو طواعية علي التعامل به.. احتاج الي كثير من الحب وقليل من الحزم تارة. وفي أوقات أخري كان كل ما لديه الحزم.. لكنه حزم الإرادة والعمل وإصلاح الحال. وأمام هذا كان فاغر العينين والفم والجوارح لا يخشي شيئاً ولا يخاف أحداًَ.
عاني في بداياته بالطبع من حرس قديم وجديد. انتشروا في كل مفاصل ودورة العمل.. داخل المصنع والشركة وفي التموين والجهات المعاونة.. شكاوي كيدية وترصد وحملات بمبرر ودون مبرر. ومحاولات مستميتة لإثبات أي خطأ ضده. لكنه تحدي الجميع بأن يثبتوا عليه خطأ واحداً.. وشيئاً فشيئاً. تحول المصنع الي نموذج نتمناه في مصر كلها.. كل شيء يسير كالساعة.. تحول الجميع أو معظمهم إلي "ممدوح".. شربوا أفكاره وأحبوه ولمسوا بأيديهم ما حققه من نجاحات وما جلبه لهم من منافع وامتيازات. فلم يجدوا أمامهم سوي ان يعملوا. وشيئاً فشيئاِ. باتوا يحبون ما يعملون.
أمس. ومعظم صحف مصر. تداولت أخباراً عن حملات لرجال الرقابة الإدارية في كل المحافظات لضبط الأسواق. والحفاظ علي مقدرات الناس. وكم فرحت بإشادة رجال الرقابة أنفسهم بما وجدوه في مصنع دلتا غاز بحوش عيسي. الذي يديره ممدوح. في الوقت الذي وجدوا فيه مخالفات بمصنع الحكومة. التابع للدولة ومحافظة البحيرة. في كفر الدوار. وبالمناسبة.. ممدوح لم يكن هناك وقت الحملة التي وجدت الأمور كما يجب ان تكون.
ممدوح جاب الله. ليس كائنا فضائيا هبط علينا. ولا ملاكاً.. هو مثل كثيرين من الأصدقاء وغير الأصدقاء. فيه مزايا وفيه عيوب. لكنه أصر أن تبقي عيوبه بعيدة عن العمل و"أكل العيش" والوطن وحتي الآن يبقي ما يقدمه شاهداً علي أنه يحسن العمل ويحسن قيادة الرجال الذين باتوا سواعد حقيقية للإنتاج وخدمة الناس.
صديقي ممدوح له كثير من الآراء التي لا أسمعها من مسئول كما أسمعها منه. ولديه رؤية إدارية ومحاسبية أثبتت صحتها بالدليل العملي. ولاشك ان في مصر آلاف مثل ممدوح. لكنهم تواروا عمداً. بعد ان حجب "السمان" الفرصة عنهم. وتصدروا المشهد فسدوا "عين الشمس".. الشباب هم أمل بلدنا المرتجي.. هم أولي الناس بصناعة مستقبل سيعيشون فيه وسيرحل العجائز "السمان".
** ما قبل الصباح:
- فرحت كثيراً أمس بكلام وزير الزراعة د.عصام فايد عن رفض دخول القمح المصاب بفطر الارجوت الي البلاد وان صحة المواطن المصري فوق كل اعتبار وان هذا الفطر لو دخل مصر سيعرضها لكارثة لا يمكن التخلص منها........ اليوم أعلن هو نفسه عن موافقة الحكومة علي دخول القمح "المؤرجت" بالنسبة المسموح بها.. ولا تعليق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف