في طريقي إلي الجورنال. ومجموعة من الأفكار تأكل رأسي. عن أيها أكتب المقال هذا الأسبوع. وبدأت أرتب الأولوية. هذه الفكرة عاجلة. وهذه ممكن تأجيلها. ولكن الثالثة أهم. والرابعة قضية عامة لفت نظري إليها أحد الأصدقاء. يالها من حيرة.
وفجأة.. قطع حبل أفكاري. صوت عذب اعتدت علي سماعه في الراديو. لكن هذه المرة كان واقعه علي أذني مختلفا. أغنية دويتو للمطربة السورية أصالة والمطرب المصري أحمد فهمي.. كنت قد قرأت عنوانها في خبر يشير إلي أنها حققت ملايين المشاهدات علي موقع "اليوتيوب". "عيش وسكر ووطن". ولكن لم أكن قد سمعتها بعد.
الأغنية علي هيئة حوار بين زوجين. يسأل الزوج في البداية: هل تابعت آخر تطورات ما يحدث في سوريا من تدمير وخراب وهلاك الأنفس والبنايات. فترد الزوجة: "هات لنا معاك سكر وعيش. أنا ذاكرت للأولاد وأجلت المكوة لبكرة لأني مش قادرة".
يتعجب الزوج ويكرر علي زوجته السؤال نفسه فترد: "خلي بالك العيد جاي. اعمل حسابه. واحتفظ ببعض المال علي جنب".
تزداد دهشة الرجل. ويعرب لزوجته عن استغرابه من ردودها. فيأتيه الجواب الذي يزيل عنه دهشته واستغرابه مع تصاعد النغمات الموسيقية. ونبرة صوت أعلي: "عاملة نفسي مش سامعة.. الكل شايف وسامع وعامل نفسه من بنها" - طبعا أصالة مش هاتقول بنها - لكني وجدتها ماشية مع المضمون واللحن!
وتنتهي الأغنية بتعليق من الزوج: "خلاص فهمت هاجيب معايا عيش وسكر". وعند هذه اللحظة كنت قد حاولت أن امنع سقوط الدموع من عيني. ولكن فشلت المحاولة وظللت "أسح"!
الأزمة في سوريا تعجز الكلمات عن وصفها. تماما مثلما عجز عباقرة التحليل العسكري والاستراتيجي عن فك طلاسم ما يحدث علي أرض البلد الشقيق. الذي تحول إلي حقل تجارب للأسلحة الأمريكية والروسية والإسرائيلية. وتحول المواطن السوري إلي دمية. يتعلم عليها المعتدون "النشان"!
معركة نفوذ وسيطرة بين قطبي العالم واتباعهما. يدفع ثمنها الشعب السوري من دمه وأرضه. وهو الذي لم يحلم في حياته بأكثر من عيش - وسكر - ووطن.