خبر صغير جرى تداوله خلال اليومين الماضيين يحمل من الدلالات المخيفة أكثر مما يحمل من مجرد توضيح للعامة عن سعر الكارت فئة العشرة جنيهات.
يقول الخبر "اتفق الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات مع وزارة المالية على تحصيل ضريبة بقيمة٦٠ قرشًا على الكارت فئة العشرة جنيهات على أن يباع بسعر١١جنيهًا للمستهلكين، وتقدم شركات المحمول خدمات بما قيمته ١٠ جنيهات ورصيدا إضافيا بقيمة ٤٠ قرشًا".
فوزارة المالية لم ولن تستطع أن توفر للمواطن 40 قرشا كباقي يجب على البائع دفعها للمواطن حين يرغب فى شراء كارت محمول، ونفس الأمر فإن المواطن أيضا لن يستطيع توفير 60 قرشا للبائع.. وبالتالى لجأت الوزارة إلى الحل الأسهل والأغرب، وهو أن تجعل شركات الاتصالات تعطى للمواطن هذا الباقي رصيدا إضافيا.. ويا دار ما دخلك شر.
وعدم استطاعة وزارة المالية توفير القروش يأتى من كونها لا تطبع ولا توزع ولا تحترم عملتها الوطنية فئة القروش.. ولا أحب أن أكرر على مسامع القارئ الجملة التقليدية "إن أى دولة فى العالم توفر عملتها من كل الفئات" إلا نحن.
ورغم أن القانون الصادر فى 3 سبتمبر 1953 ينص على أن الجنيه يتكون من مائة قرش إلا أن الدولة حتي الآن تتغافل عن إصدار عملات معدنية لهذا القرش.. وهو ما يسبب خسارات كثيرة للجنيه ويسبب خسارات أكثر للاقتصاد القومي.. نتيجة جبر الكسور والقروش إلى جنيهات لمصلحة البائع، لا لمصلحة المشتري.
كل دول العالم تهتم بمفردات عملتها الوطنية.. الريال السعودي يتكون من 100 هللة.. والدرهم الإماراتي 100 فلس، والدولار الأمريكى 100 سنت.. والجنية الإسترلينى 100 بنس.. ورغم أنه لا قيمة تذكر لهذه القروش والهللات والبنسات.. لدرجة أنه لو سقط أحدها على الأرض لا يفكر أحد فى الإنحناء لالتقاطها.. ورغم ذلك يحرص كل فرد على أخذ حقه كاملا عند أى بائع أو فى أى سوق.. وتحرص دولهم على توفير وسك هذه القطع المعدنية وتقديمها للعامة.
لا أنسي عندما كنت فى زيارة إلى لندن شتاء 2013.. ركبت سيارة أجرة من المترو إلى الفندق الذى سأقيم فيه وعندما وصلت إلى الفندق.. كان حسابى على عداد التاكسي حوالى 11 جنيها إسترلينيا و32 سنت، أعطيت للسائق 20 جنيها، وهممت بالإنصراف على اعتقاد أنه لن يُرجع لى الباقي كعادة سائقي التاكسي عندنا، إلا أننى فوجئت به يعطينى حقي بنسا بنسا كاملا، غير ناقص.
أخذت البنسات بتعجب لدرجة أنني مازلت محتفظا بها حتي الآن.. كما مازالت أحتفظ بـ "الشلن" المصري، وهو لمن لا يعرف يعادل الخمسة قروش و"البريزة" التى تعادل 10 قروش.. غير أن هناك فرقا شاسعا بين عملة أحتفظ بها يمكننى صرفها فى أى وقت.. وأخرى ماتت وتم تشيع جنازتها على يد وزارتها.