أعطيتها أجرة يومها فوجدتها ترفع رأسها وتقول أين القيمة المضافة.. إنها الشغالة التي تعمل في بيتنا.
لم يكن أمامي إلا أن أضحك أو أبكي.. والحال يستدعي البكاء.
الخادمة قالت كل شيء أشتريه ارتفع ثمنه. حتي كارت المحمول الذي أطمئن به علي إبني هو الآخر.. زاد. وأنا فاض بي.. أعمل يومياً في البيوت.. وكل بيت وما فيه وأعود بمائة جنيه كانت تكفي يوم اثنين.. عشرة.. لو صحتي ما سمحتش بشغل. وكنت أشيل منها قروش للمدارس وكتبها وكراريسها ولما الست تحن بفلوس في مناسبة أدفع مصاريف مدرسة أو أعالج إبني عند دكتور. وفجأة صحيت لقيت الدنيا ولعت. "وصل الكهرباء أبوعشرة بقي بعشرين" والمياه والغاز وعلي التليفزيون قالوا حيزودوا إيجار الأوضة من 15 جنيهاً لقريب من الخمسين.
وأكملت كلامها أنا زي كل الناس. ابني بياخد دروس في كل مادة. عشان لما يكبر ما يخدمش في البيوت ولا يطلع بواب زي أبوه. الراجل طالع نازل طلبات للسكان وآخر النهار مع مد إلايد يخرج من جيبه جنيهات فكة نعدها نلاقيها عشرين تلاتين.. الشهر كله 600 - 700 جنيه وصاحب البيت يسلمه ألف وأنا بأعمل لي بالكتير ألفين. يعني كله علي بعضه بالمواسم أربع خمس آلاف. وكنا عايشين وباشتري جلابية في العيد وبلح في رمضان ومستورة. والله ما عارفة أعمل لابني ساندويتشات للمدرسة. حتي العيش زودوه.
نظرت إليها وسرحت في حالي.. وأحوالنا. ابنتي المهندسة.. وابنة جارتي الطبيية لا أحد منهم يزيد علي الألفي جنيه. زوج صديقتي مدير عام بعد 40 سنة خدمة معاشه 1500 جنيه. لكننا لا نستطيع أن نفتح فمنا بشكوي. الخادمة تشكو لسيدتها.. فلمن تشكو السيدة وقد علمونا أنها لغير الله مذلة.
مين يشتري
تدربت الخادمة علي الخدمة.. سخرت عضلات جسمها لتنظيف وترتيب. وكان تدريبي علي مذاكرة وتحصيل علم وقراءة.. لا أملك صحتها ولابد أن اشتريها.. ولا تملك علمي. لكنه بلا ثمن.. وما من أحد يقدره. رغم أننا نحن من بنينا لها بيتها وعالجنا ابنها وخططنا الشارع الذي تسير فيه.. لكننا معشر المتعلمين والأهم الشرفاء.. لنا.. الله.
كلنا نشكو.. فكل القرارات تنصب علي رأس الطبقة الفقيرة التي تحولت إلي معدمة. أما من يطلق عليهم المتوسطة صاروا هم الفقراء. نعم الشكوي عامة لكن الفقير المعدم يختلف عن المتوسط الذي حولوه للفقر. لذلك عندما وقعت عين الخادمة علي ملابس مدرسة حفيدي.. تنهدت وقالت يا مين يشتري شنط مدارس الأولاد وانفردت بنفسي في ركن الغرفة وهمست ياريت يشتريتها لي معاه.
بضاعة حاضرة
سحب فيلم محمد سعد من دور السينما ليس مرجعه أن ذوق الناس ارتقي. أعتقد أنهم غيروا شكل البلطجة والتدني والإسفاف.. إلي ما هو أسوأ والبضاعة الجديدة حاضرة.