المساء
مؤمن الهباء
قال النواب.. ولم نقل!!
لم يكن الصحفيون والإعلاميون وحدهم الذين انزعجوا من المستوي الذي ظهر عليه مجلس النواب في دورة انعقاده الأولي. ومن أداء رئيسه علي وجه الخصوص. وكانت لهم تعليقات سلبية أغضبت رئيس المجلس فهدد وتوعد. الآن ظهرت أصوات من داخل المجلس. من النواب أنفسهم. تنتقد بحدة أشد من حدة الصحفيين والإعلاميين. فماذا سيفعل معهم رئيس المجلس وهم يتمتعون بالحصانة مثله. ويرون أن في نقدهم خدمة للوطن وتصحيحا للمسيرة؟!
هناك بالطبع أصوات موافقة ومتوافقة مع مستوي المجلس وأدائه.. وتعتقد انه ليس في الامكان أبدع مما كان. وأن المجلس قدم انجازات عظيمة وتاريخية بإقراره لكل القوانين التي قدمت إليه وتصفيقه لبيان الحكومة. وبعدد الكلمات التي ألقيت تحت القبة. ومع ذلك يبقي وجود الصوت الناقد. العنيف أحيانا. علامة علي أن مصر مازالت نابضة بالحياة. ولم تستسلم للموات. ومازال لدينا عقول تعرف مهمة البرلمان الحقيقية ودوره. ولم تأخذها موجه التجريف العاتية.
هذه بعض الامثلة للأصوات الناقدة. وقد وقعت عليها فيما قرأت بالصحف القومية والخاصة. لنعرف أن الروح موجودة والعقل موجود:
النائب خالد شعبان يقول إن المجلس خرج من دور الانعقاد الأول صفر اليدين. رغم زخم القوانين والمشروعات التي نوقشت قبل انعقاد البرلمان. صفر اليدين في تحقيق العدالة الاجتماعية علي الأرض بالنسبة لهموم المواطنين. لكن بالعكس زادهم المجلس هموما بضريبة القيمة المضافة. نحن ننادي بأن يعبر مجلس النواب عن المواطنين ومصالحهم من خلال قوانين العدالة الاجتماعية وليس عن طريق التصفيق والمداهنة للحكومة. كما حدث من البعض الذين كانوا أصواتا للحكومة وليس للشعب.
النائب ضياء الدين داوود يقول: في دور الانعقاد الأول صدرت عن مجلس النواب تشريعات أرهقت كاهل المصريين بحزمة من الإجراءات والضرائب والرسوم. حولت الحكومة إلي حكومة جباية. لذا نتمني أن يكون دور الانعقاد الثاني بداية حقيقية لمجلس يعبر عن آمال وطموحات الشعب. ويقدم شيئا للمصريين وفقا لاحتياجاتهم الحقيقية. ونعالج ما أفسده الدهر علي مدي 30 عاما.
النائب هيثم الحريري يقول: البرلمان لم يكن علي مستوي طموحات الشعب المصري. واخفق في أن يكون له ظهير شعبي يسانده. وسيئاته أكثر من حسناته وقد ساهمنا في كشف مساوئ القوانين التي نجحت الأغلبية في تمريرها. لكنها اصبحت في نظر الشارع المصري قوانين سيئة السمعة كالخدمة المدنية والقيمة المضافة. وعموما أداء المجلس لا يزيد علي اثنين من عشرة. وأنا غير راضي عما يحدث داخل المجلس ودفاعه عن الحكومة الفاشلة. الأغلبية داخل المجلس تعمل ضد الشعب. أما عن أداء رئيس المجلس فلا تعليق.
أما النائب محمد أنور السادات فقد عبر عن استيائه من أداء البرلمان في رسالة "شيك" وجهها إلي زملائه النواب عبر الصحافة قال فيها: أشعر بالحزن والمرارة وأنا أري البرلمان المصري الذي ولد ولادة عسيرة قد سيطرت عليه قوي لا تريد للتجربة الديمقراطية أن تنجح. وتستخدم في سبيل ذلك الوسائل المباحة وغير المباحة. بالترهيب والعقاب.
ودعا السادات زملاءه النواب إلي تحكيم العقل والضمير الوطني. وتقديم مصلحة مصر علي المصالح الضيقة. والاستفادة من دروس الفشل التي ساقت البلاد إلي وضعها الحالي الذي لا يرضاه العدو قبل الصديق. وطالب السادات بإعادة تقييم واقع البرلمان حاليا وما وصل إليه من ممارسات غير ديمقراطية. وفشله في أداء دوره الرقابي علي الحكومة ومحاربة الفساد وانصاف عامة الشعب بقوانين ترفع من مستواه الاجتماعي والاقتصادي. وتحقق الحد الأدني من الحياة الكريمة للمواطن. لا نريد برلماناً يكون عبارة عن "فاترينة" جميلة تستهلك مليار جنيه سنويا من أموال الشعب بلا جدوي.
بقيت عندي شهادة مهمة - هي الأكثر حدة - من خارج البرلمان للدكتور طارق زيدان رئيس حزب الثورة المصرية وردت في حواره لـ "المساء" المنشور يوم السبت الماضي قال فيها إن المجلس فقد صلاحيته ولا يمثل الشعب. لم يقم بأي دور رقابي أو تشريعي واكتفي بتلقي الأوامر. خالف الدستور صراحة وأشاع البلبلة والقلاقل ورفض تنفيذ أحكام القضاء. الاعضاء أهدافهم شخصية. والمناقشات تحولت إلي "ردح" وبحث عن المكاسب. والمعارضة غائبة تماما والجميع يسعي لنيل رضا الحكومة.
وأختم بنفس الجملة التي ختم بها السادات رسالته المشار إليها والتي قال فيها: "مصر تغيرت للأبد ولن تنجح اية قوة غاشمة ان تعيد عجلة الزمان إلي الوراء. فاعتبروا يا أولي الألباب".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف