أكاد أشك في كل كلمة يقولها د.مصطفي مدبولي وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية.. فالرجل يقول كلاماً جميلاً لكننا نفاجأ بقرارات معاكسة ومناقضة تماماً لهذا الكلام الجميل.. ومرة بعد مرة توصلت إلي قناعة بأن الكلام الجميل دائماً موضع شك.. ومن الأصوب الإعتداد بالقرارات وليس بالكلام.
آخر تصريح لوزير الإسكان من نوعية "الكلام الجميل" نشرته الزميلة "الأخبار" أمس الأول الثلاثاء قال فيه إن هناك اتجاها لتمكين كافة المواطنين من تملك قطعة أرض بناء أو وحدة سكنية من خلال مشروعات هيئة المجتمعات العمرانية.
بالطبع.. هذا اتجاه طيب محمود.. أن يتم تمكين كافة المواطنين من تملك قطعة أرض بناء أو وحدة سكنية.. اتجاه طيب لأنه يستهدف الحفاظ علي آدمية الإنسان المصري ويدخل مباشرة في ملف العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.. ناهيك عن أنه يحمي وطننا من ظهور مناطق عشوائية جديدة بسبب أولئك الذين يضطرون الي البناء في مناطق غير مرخصة وغير مخططة.. لكن ــ للأسف ــ نظرة سريعة علي ما تفعله وزارة الإسكان تجب كل هذا الكلام الجميل.. ويتأكد لنا أنه مجرد دخان في الهواء.
قبل أيام قلائل طرحت الوزارة بعض مئات من قطع الأراضي المعدة للبناء في العديد من المحافظات والمناطق الجديدة بالقاهرة والدلتا والصعيد بأسعار لم يسبق لها مثيل تتراوح من ألف الي أربعة آلاف جنيه للمتر.. وكأن الهدف ليس البناء.. أو مساعدة المواطنين علي تملك قطعة أرض بناء أو الاستثمار حتي في الإسكان.. وإنما إشعال أراضي البناء في مصر كلها.
حينما يصل سعر متر الأرض أربعة آلاف جنيه فكم سيكون سعر المتر في المباني؟! ومن يا تري سوف يقدم علي شراء هذه الأراضي غير التجار والسماسرة بينما سيخرج المواطن العادي من المعادلة تماما.
ومن الغريب أن تعلن الوزارة هذه الأسعار التي تعجز المواطن عن مجرد التفكير في تملك قطعة أرض للبناء بينما تتجه الحكومة إلي منح الأراضي "ببلاش" للمستثمرين من خلال قانون الاستثمار الجديد علي النحو الذي أوضحه د.زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء وزير التعاون الدولي السابق في حوار مع "المصري اليوم" نشرته السبت الماضي.
وليس ببعيد عنا مشروع الإسكان المتوسط الذي أعلنه الوزير ثم فوجئنا بأن أسعار الشقق نار.. لاتصلح للشباب ولا تصلح لأصحاب الدخل المتوسط وكان الإقبال عليها ضعيفاً جداً مما تسبب في حرج للوزير والوزارة فتم تمديد فترة الحجز إلي أسابيع أخري حتي يتمكن التجار والسماسرة من شراء كل الشقق بعد أن اتضح أن الإسكان المتوسط هو في الحقيقة إسكان للباشوات.
آخر تصريح جميل ظهر لوزير الإسكان جاء في لقائه مع الدكتورة ليلي اسكندر وزيرة التطوير الحضري والعشوائيات والدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة.. فقد أعلن أنه "سيتم إزالة العشش في 77 منطقة علي مستوي الجمهورية بحيث تكون مصر بلا عشش خلال عام.. وسيكون التركيز علي هذا المشروع بجانب المناطق غير الآمنة والمهددة للحياة".
ولو تحقق هذا الكلام الجميل فسوف نتبني مشروعاً لاقامة تمثال للوزير... لكنني بصراحة "أكاد أشك"!!