الأخبار
يوسف القعيد
رسائل السيسي
تصادف الحدث المهم عندما كنت في دولة الإمارات العربية المتحدة، بإمارة الشارقة، إمارة الرهان الثقافي، لحضور ملتقي الشارقة الثالث عشر للسرد. وكان موضوعه: الرواية العربية في المهجر. ولكن أينما كنت. أحمل مصر معي في أي مكان أذهب إليه. وبفضل ثورة الاتصالات يمكنني متابعة ما يجري. بصرف النظر عن مكان الحدث. لدرجة أنني أتساءل: كيف كنا نعيش قبل ثورة الاتصالات التي نحياها؟.
وجودي في الإمارات جعلني ألمس اهتمام المصريين، ثم اهتمام الأشقاء العرب والمسلمين بالإمارات. كانت فرصة لأتابع اهتمامهم بالرحلة وما جري في اجتماعات الأمم المتحدة.
تناول خطاب الرئيس أمام الجمعية العامة بالأمم المتحدة مجمل القضايا الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط وتطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية. وشارك الرئيس في قمة مجلس الأمن التي تبحث تطورات الأوضاع في سوريا وسبل التوصل لحل أزمة اللاجئين. كما ترأس الرئيس السيسي قمة مجلس السلم والأمن الإفريقي لمناقشة الأوضاع في جنوب إفريقيا. ولجنة الرؤساء الأفارقة المعنية بالتغيرات المناخية. هذا فضلاً عن لقاءات ثنائية عقدها لا تحصي ولا تعد.
قبل الدخول لتفاصيل ما سمعته وما قرأته في الغربة عن مصر. أقول إن إحساسي ببلدي عندما أكون خارجها يصبح أعمق. ليس معني هذا أنني أهمل بلدي عندما أكون فيها. ولكن الغربة كاوية. والغربة تجعل الإنسان يعيش وهو يتنفس هواء بلده أكثر مما يحدث عندما يكون بداخلها.
إنسانية المصريين يمكن أن تكون عنواناً لرسائل السيسي من نيويورك، ركز علي البعد الإنساني رغم أنه كان يتحدث في محفل سياسي. ويحضر في تجمع دولي. ومع هذا أصبح عنوان ما قاله الرئيس: البعد الإنساني. وهذا نلمسه فيه سواء في سلوكه الشخصي أو تعامله مع الآخرين أو حتي ممارساته السياسية.
دعا الرئيس السيسي من فوق منبر الأمم المتحدة البشرية لكي تحاول الإبقاء علي إنسانيتها واستعادتها والاعتماد عليها واعتبارها حجر الزاوية في أي مستقبل ينتظر العالم - والمصريون جزء منه - وعندما نطل علي الأيام القادمة وما تحمله من الأخطار. وعندما نتذكر أقطارنا العربية الشقيقة وظروفها الصعبة والقاسية ندرك أن حرص الإنسان علي إنسانيته واعتبارها ليست وسيلة لتمييزه عن غيره من الكائنات الأخري. قد تصبح المخرج - ربما الوحيد - لكي نفلت من المأزق الراهن الذي يعاني منه البشر بأقل الخسائر الممكنة.
توقفت أمام ما كتبته الصحف عن رحلة السيسي وخطاباته ولقاءاته. أجد عبارة رددها أكثر من مسئول. وكتبتها أكثر من وسيلة إعلامية. قالوا إن الرئيس يتحدث من قلبه. والحديث من القلب معناه أن عينيَّ الرجل تطلان في حبة القلب قبل النظر إلي الخارج. وكل ما يخرج من القلب صادق وإنساني وحقيقي. ومثلما يخرج من القلب. فإنه يدخل قلوب من يستمعون إليه ومن يتعاملون معه.
تحدث الرئيس عن سوريا. وحديثه عن سوريا شديد الأهمية لأن الأشقاء السوريين عندما نلتقي بهم سواء في مصر أو خارجها يحاولون إلقاء اللوم علينا. ويقولون أن اهتمامنا بما يجري في بلادهم أقل مما كان يتوقعون. ويقولون دائماً أن مصر حجر الزاوية وأهم قطر عربي. بل إنهم ينظرون إلي القاهرة باعتبارها العاصمة العربية الأولي التي يجب أن تمد يدها لهم.
قال الرئيس السيسي أنه لم يعد مقبولاً علي الإطلاق استمرار نزيف الدم في سوريا. وغياب الأفق السياسي. وأن المطلوب كما حدده الرئيس السيسي أن يكون هناك تحرك دولي جاد لتسوية شاملة للأزمة السورية. وأكد الرئيس أيضاً أن الحل العسكري غير مقبول. ولا يمكن أن يؤدي لاستقرار حقيقي. فالحلول العسكرية تلد الاضطرابات أكثر مما توفر الاستقرار.
لم ينس الرئيس - وكيف ينسي؟ - الصراع العربي الصهيوني. باعتبارها القضية التي كان للمصريين دور تارخي فيها. وعندما يدون التاريخ شهداء الصراع العربي الصهيوني سيكون لمصر من الشهداء ما يتجاوز شهداء أي قطر عربي آخر بما في ذلك الفلسطينيين أنفسهم.
وبعد أن يقرر أن هذا الصراع يمثل جوهر الاضطرابات الكبري في الشرق الأوسط. فهو يري أن الحل الأساسي لا بد أن يعتمد علي إنهاء الاحتلال وإعادة حقوق الشعب الفلسطيني من خلال اتفاق سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل تضمنه جهات دولية. ويلتزم به الطرفان.
في خطابه أمام الأمم المتحدة وحواراته الصحفية. التي لم تقل أهمية عن الكلمة الرسمية تحدث الرئيس عن ليبيا التي تعيش وضعاً دقيقاً. وطالب برفع الحظر عن تسليح جيشها ودعم استعادة مؤسسات الدولة لوضعها. أما اليمن - وما أدراك ما اليمن أو لا بد من صنعا وإن طال السفر - فقد أكد الرئيس أن مصر تؤيد ما يفعله المبعوث الأممي للتسوية الشاملة في اليمن. كما أنه لا بد من تأمين وضرورة حرية الملاحة في باب المندب والبحر الأحمر.
الرئيس السيسي كان يؤسس لعودة مصر لدورها العربي الذي غابت عنه أكثر مما ينبغي. والعودة لا بد أن تكون قوية بقوة مصر. وعميقة بعمق مصر. وشاملة بشمول مصر. تتحرك في النقطة التي تربط ما بين مكر التاريخ وحقائق الجغرافيا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف