التصريحات التي أدلى بها المستشار أحمد مكي وزير العدل الأسبق لموقع مصر عربية على قدر كبير من الأهمية والخطورة، وفى ظني انه يحتاج إلى مراجعة من الأجهزة والمؤسسات المعنية فى الدولة، خاصة وأنه قام بتوجيه اتهامات لعدة جهات، منها الرئاسة والأجهزة الأمنية والجيش والقضاء والنخب والإخوان المسلمين، وهذه الاتهامات استقاها من خلال الفترة التى قضاها وزيرا للعدل فى نظام الإخوان، والحكايات التى ذكرها فى حواره مع الزميلين أحلام حسنين وعمرو عبدالله، لا يمكن لأى كاتب.أن يفصل فيها بالترجيح أو النفى لأنه لم يكن داخل مؤسسات الدولة، وحتى لو كان هذا الكاتب مقربا من النظام فلن يقدر على معرفة كافة التفاصيل التى أشار إليها المستشار مكى بحكم عمله داخل مطبخ نظام الإخوان فما ذكره مكى يحتاج ردودا من جهات عدة.
على سبيل المثال يرى مكى أن سبب تراجع مصر اقتصاديا وسياسيا منذ عام 1952 وحتى اليوم يرجع إلى النظام العسكرى الذى يحكم البلاد، أو إن شئنا الدقة بسبب قلة خبرة رجال الجيش الذى حكموا البلاد, ليس هذا فحسب بل يحمل من تولوا السلطة منذ عبدالناصر حتى اليوم مسئولية قتل الخبرات المدنية.
ومكى فى حواره أرجع التخبط الحالى إلى صراع الأجهزة على السلطة والنفوذ، ويرى أن «السيسى» لا يمكنه الاعتماد على جهاز واحد فقط حتى يؤمن نفسه، لابد أن يكون له(حسب اصطلاحه) رقيب في كل جهاز بالدولة.
وعن الرئيس السيسى قال إن السيسى كرئيس ليس هو السيسى القائد للقوات المسلحة، كيف؟، ذكر أنه طلب من السيسى أن يؤمن القضاة عندما كان وزيرا للدفاع، ورفض السيسى بحجة أن صورة الجيش قد تضررت أيام المجلس العسكرى بسبب تواجده فى الشارع، وأنه(أى السيسى) يريد أن يشكل جيشا قويا للدفاع عن البلاد وحدودها، مكى يرى أن السيسى بعد توليه الرئاسة فعل عكس ما قاله وهو وزيرا للدفاع.
ومن الحكايات المهمة التى تحتاج لمراجعة من الأجهزة تأكيد مكى ان عملية الاطاحة بالمشير طنطاوى كانت مسرحية من إخراج المجلس العسكرى، وأن الحكاية (حسب روايته) اتفاق المجلس على تعيين السيسى بالتوافق مع طنطاوى، لكى يطيح السيسى بجماعة الإخوان من الحكم، ونفذت المسرحية واستخدموا فيها مرسى فى دور الرئيس الذى أطاح بطنطاوي.
ومن القضايا الخطيرة كذلك وتحتاج لرأى القضاة والمجلس الأعلى للقضاة، قوله ان النظام الحاكم هو الذي أفسد القضاة، وذلك حسب تعبيره: يعمل على رشوة القاضي للسيطرة على قراره، مؤكدا: طول عمر القضاء تحت سيطرة السلطة التنفيذية، تعطي المكافآت وتتحكم في القضايا، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد قضاة شرفاء.
ومكى لم يتوقف عند الفساد فقط، بل اتهم بشكل عام الأحكام، ووصفها بالمسيسة، وقال بالحرف: الفترة الأخيرة هي الأسوأ للقضاء في تاريخه، فوجدنا محكمة تخرج حكما بإعدام 500 شخص في جلسة واحدة، فمذبحة القضاء في عهد عبدالناصر كانت أخف وطأة من الجرائم التي يرتكبها النظام الحالي في حق القضاء.