الوفد
عباس الطرابيلى
مرارة العيش.. داخل الوطن
هل أصبحنا بين طريقين أولهما مر شديد المرارة.. وثانيهما خطير شديد الخطورة؟! بمعنى أن علي مصر الآن أن تختار إصلاحًا حقيقيًا ينقذها رغم قسوته، وما يتبعه أو يتطلبه من إجراءات وقرارات.. وبين رد فعل شعبى ـ متوقع ـ يمكن أن يدمرها ويوقف مسيرتها.. وهذه المرة يعطل أى اصلاح يمتد لعشرات السنين.. وأين روح التحدى؟!
<< وبين طريق الاصلاح الصعب والخطير.. وطريق رد الفعل الشعبى، أو بمعنى أدق الخشية من وقوعه.. تتخبط الحكومة وتتوه الأمة.. ويكثر الاختلاف، ولا أحد يشك فى ضرورة وحتمية هذا الطريق.. رغم مخاطره.. ولا أحد يشكك فى خطورة ـ سلوك هذا الطريق ـ على رد فعل الناس.. لأن الناس تزداد بينهم موجات الغضب بين سلبية حكومة وتأخر قراراتها حتى فى أدق الأمور.. بل وأبسطها.. ثم تردد نفس الحكومة!! وما حدث فى أزمة الأرجوت والقمح يمكن أن ينسى.. بل يؤكد تخبط الحكومة بشكل لافت للنظر.. فهى تقرر منع دخول هذا القمح.. وبعد سويعات قليلة تتراجع عن قرارها.. وتسمح بالدخول!! أيضًا ما قيل عن إلغاء امتحانات منتصف التيرم.. ثم ـ وأيضًا بعد سويعات ـ تتراجع الحكومة وتقرر الإبقاء على هذا النظام وكذلك كيف تقرر الحكومة إقالة وزير التموين على خلفية قضية فساد.. ثم توجه له الشكر.. وأخيرًا، وأتمنى أن يكون آخر مرة، بطء تحرك الحكومة تجاه الكوارث.
<< من تعددها الغريب عند العياط، بالذات.. ومن سلبيتها الأكثر غرابة فى معالجة قضية الهجرة غير الشرعية، ليس فقط فى قضية رشيد التى وقعت منذ أيام.. وتأخر عمليات الانقاذ.. وكيف تسكت على تزايد عدد الشباب الذين يهربون من الموت أحياءً، إلى الموت غرقًا وطعامًا للأسماك. وهى فى كل تحركاتها تكون قراراتها مجرد ردود أفعال.. وما قضية نقص لبن الأطفال إلا نموذجًا.. فهل ليس هناك من يبحث ويتابع الموقف فى المخازن.. حتى تفاجأ الحكومة بالأزمة وتضطر للاستعانة بالقوات المسلحة لاستيراد المطلوب. وهو ما حدث مع مشكلة نقص البوتاجاز!!
<< أم يا ترى انضمت الحكومة إلى البرلمان فى تكاسل التحرك للمواجهة أم كلاهما: الحكومة والبرلمان، ونتساءل هنا: لو كنا فى دولة تحترم المواطن لأسرعت الحكومة.. واجتمع البرلمان، حتى ولو كان فى اجازته السنوية ليبحث لا مجرد تزايد مشكلة الهجرة هذه ولمساعدة الأهالى فى البحث عن شبابها.. ولكن فى مناقشة: كيف نقلل أسباب هروب الشباب وبالمئات فى كل مرة، إلى خارج الوطن.. وهو نفس المواطن الذى كان يقسم بغربته لو سافر من طنطا إلى المحلة الكبرى.. ولكنه ـ هو هو ـ من يهجر قريته ويبيع أعز ما يملك ليهاجر.. ولو إلى الموت غرقًا أملاً فى حياة أفضل خارج الوطن.
<< نريد أن نناقش «أصل المشاكل» لنعرف أسبابها ونساعد فى حلها.. حتى نقلل بحر الدموع والآلام.. وبالمناسبة، قد يكون تزايد حوادث السيارات رغبة أيضًا فى الانتحار تمامًا كما يفعل شباب الهجرة غير الشرعية.. تعالوا نغوص فى الأسباب، لنقلل من مخاطر النتائج التى تفقدنا أهم ما نملك.. وهو حياة شبابنا وهنا يجب أن نبحث أكثر: لماذا بين المهاجرين أطفال مصريون دون العاشرة.. وهل عرف هؤلاء أيضًا مرارة العيش داخل الوطن؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف