الأهرام
سعاد طنطاوى
ماسبيرو .....والنملة الفصيحة
الواقعة المخزية التى حدثت من ماسبيرو يوم الثلاثاء الماضى ببث حوار قديم للرئيس عبد الفتاح السيسى على انه حوار حديث اجراه على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة فى دورتها الحادية والسبعين بنيويورك وضع العاملين بماسبيرو فى صورة سيئة للغاية أمام الرأى العام الداخلى والخارجى تبرز تفشى الاهمال فى العمل دون رقيب أو حسيب وعدم ادراك مدى خطورة ذلك على الامن القومى ربما كان الآمر هينا لو وقع ذلك الخطأ مع مسئول عادى محلى ولكن المصيبة أعظم لانها تمس أمن قومنا الذى يمثله رئيس الجمهورية امام العالم فى ما تواجهه مصر من تحديات وارهاب حيث تأتى الضربة من الداخل فى الوقت الذي ينتظر فيه الكل حوار الرئيس فى امريكا وجهاز الاعلام الرسمى بمصر يبث حوارا قديما لرئيس الجمهورية فى حالة من الغيبوبة.
لاشك انها واقعة لن تفلت ابدا من الحساب بدءا من اكبر مسئول حتى اصغر عامل فالامر ليس هينا بسيطا وانما يفرض العقاب على كل مسئولي ماسبيرو ولا يكفى ايقاف رئيس قطاع الاخبار عن عمله لان الكل يعمل فى خندق واحد.
وحيال هذا الموقف تبادر الى ذهنى دراسة اطلعت عليها للكاتب الإسلامي، المهندس السيد حامد السيد وتم عرضها فى المغرب ، عن نملة ذكية أثبتها الله في كتابه الكريم وسمى سورة من كتابه الخالد ، بسورة "النمل " لقول نملة : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ﴾ فحينما شاهدت نملة قرب وصول نبي الله سليمان ( عليه السلام ) ، وحوله جنده صاحت على الفور منادية على جميع أفراد مجتمعها ... ( ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ )
ويبين موقفها هذا أن الأمن ، وسلامة الجماعة ، مسئولية كل فرد في المجتمع .. ففي مملكة النمل : الفرد أغلى شيء في المملكة - ويضحى الفرد بنفسه ، من أجل الجماعة .. فيا ليتنا نعتبر ..

وانه يجب على الفرد داخل مجتمعه ان يتحلى بالهمة العالية والتضحية وإنكار الذات: فلقد أبدت النملة أعلى درجات الهمة والتضحية ، حينما سارعت لتنذرهم في الوقت المناسب , منادية عليهم -وكان بوسعها أن تنتحي جانبًا، ولا تفكر إلا في إنقاذ نفسها- ولكنها اختارت المخاطرة ، من أجل إبلاغ قومها- مما يدل على التضحية العالية ، وإنكار الذات

وتضرب لنا مثلا فى النظام وتقسيم العمل: فهذه النملة مجرد نملة عادية ليست زعيمة النمل ولا رئيسة - وإنما هي تؤدي مهمة كغيرها - فباقي النمل مشغول بأداء الأعمال والمهام المكلف بها - فلم يروا ركب نبي الله سليمان – ولكنها هي الوحيدة التي رأت الركب ، فقد يكون لكونها تولت أمر مراقبة الوادي وتأمينه

اما اكبر درس تعلمه لنا هذه النملة الذكية هو إدارة الأزمات: فلقد رأت النملة أن اتجاه سير نبي الله سليمان وجنده أقرب إلى تدمير مملكة النمل - وهناك احتمال آخر : أن ينحرفوا عن هذا الاتجاه – ويبتعدوا .. ولكن النملة لم تدع الاحتمالات الأخرى ، تسيطر عليها ، وإنما اتخذت سبيل الإنذار المبكر حتى تنجي أمتها ، من خطر محتمل ،

واخيرا الشعور بالمسئولية: فالنملة وكأنها المسئول الأول عن قومها، ومثل هذا الشعور بالمسئولية في كافة أرجاء أي تنظيم من أعلاه إلى أدناه ، هو أقصى ما تطمح، وتحلم به أي أمة لتحقيقه،.. إذن كل فرد منا عليه أن يحرص على أمن أمته -كما حرصت النملة على ذلك ...والآن هل أدركنا.. لماذا توجد سورة في القرآن باسم " سورة النمل" ؟! فبتلك الروح ؛ نجى الجميع من إبادةٍ جماعية ، كانت ستحل بهم ، وذكرها القرآن مثالاً رائعاً للأخوة ، ونكران الذات والشعور بالمسئولية،وبذل الفرد ما في الوسع لأمن الجماعة . وبرط الموقف نجد ان النملة تحافظ على امن قومها فى الوقت الذي تهدمه ماسبيرو بعدم تحمل المسئولية .

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف