الوفد
سناء السعيد
صراع الإرادات
انهارت هدنة وقف إطلاق النار، التى انطلقت فى التاسع من سبتمبر الجارى، وتصاعدت حدة الصدام الروسى الأمريكى على أرضية تبادل الاتهامات حول تفجير قافلة مساعدات الأمم المتحدة فى حلب الشرقية، وتبددت بالتبعية الثقة بين الدولتين إلى حد خيل للبعض معه بإمكانية أن يصل صراع الإرادات بينهما إلى حد المواجهة العسكرية. ولا شك أن أمريكا مستاءة ومصابة بالإحباط وهى ترى روسيا وقد باتت لها الكلمة العليا فيما يحدث على الأرض فى سوريا وهى التى تتبنى دعم الرئيس الأسد وتصر على القضاء على المعارضة المسلحة والإرهابيين معا. ساعدها فى الهيمنة على الأمر ضعف إدارة أوباما بعد أن أوشكت على الرحيل.
المشهد يؤكد أن روسيا على حق فى جميع المواقف التى اتخذتها من الأحداث حتى الآن. وعلى النقيض ظهرت أمريكا وقد أفشلت الهدنة عن عمد عندما نفذت فى 17 من سبتمبر الجارى مجزرة «دير الزور» بحق عشرات الجنود السوريين ، وهو ما يشي بتراجع دبلوماسية الخارجية الأمريكية لتكون الهيمنة على الملف السورى للبنتاجون. وبهذا تكون أمريكا قد تعمدت إعادة صياغة موقفها من الهدنة. ولا شك بأن استهداف أمريكا لموقع الجيش السورى فى «دير الزور» جاء ليؤكد ضلوعها فى دعم «داعش»، فالعملية كانت لإنقاذه بعد أن كان على وشك السقوط فى أعقاب سيطرة قوات الجيش السورى على هذا الموقع. ولهذا سارعت عناصر «داعش» فى أعقاب العملية فهاجمت «دير الزور» فى محاولة لاستعادته. وهكذا فإن العملية تفضح زيف ادعاءات أمريكا حول محاربتها لـ«داعش»، وتكشف حقيقة التنسيق القائم بينها وبينه، فلقد تذرعت بحرب «داعش» للولوج إلى المنطقة والقيام بغارات ضد الجيش السورى فى محاولة لضرب عصفورين بحجر واحد يمكنها من إضعاف جيش سوريا العظيم من ناحية، ودعم «داعش» وإتاحة الفرصة أمامه للتوسع فى المناطق التى يسيطر عليها من ناحية أخرى.
وما لبثت أمريكا أن تعثرت فى خطأ آخر أوقعها فى شر أعمالها عندما اتهمت روسيا بقصف قافلة مساعدات الأمم المتحدة فى 19 من الشهر الجارى، وطالب «كيرى» وزير خارجيتها بفرض مناطق حظر جوى دعما لـ«داعش» وتوفير مظلة حماية لجبهة النصرة المندمجة فى المعارضة المسلحة رغم اتفاق أمريكا مع روسيا على اجتثاثها. أما اتهام أمريكا لروسيا هنا فلقد جاء لصرف الانتباه عما قام به التحالف الدولى من قصف مواقع الجيش السورى فى «دير الزور». بيد أن روسيا سارعت ففندت بالأدلة والقرائن مزاعم أمريكا القائلة إن الطيران الروسى أو السورى هو الذى قصف قافلة الإغاثة. ومن بين القرائن التى قدمتها روسيا وتعد دليلا على تورط أمريكا فى قصف القافلة وجود طائرة أمريكية بدون طيار كانت تحلق فى أجواء القطاع أثناء تفجير القافلة. كما أن وزير خارجية روسيا «لافروف» دعا إلى إجراء تحقيق كامل محايد بشأن هذا الهجوم، بالإضافة إلى شريط مصور قدمته روسيا يتضمن تسجيلا لما حدث بالضبط وقت الهجوم، وهو ينفى قيام الطيران الروسى أو السورى بأى طلعات وقت مرور القافلة.
أيا كان فإن اتفاقية الهدنة قد طمرت، ومن ثم فإن الاحتمال ضئيل فى بث الحياة فيها مرة أخرى من جديد. وتظل أمريكا هى المسئولة عن إفشال الهدنة عمدا. ويبقى أن نقول إن هذا ما تفتق عن صراع الإرادات بين الدولتين وهو الصراع الذى ستنتصر فيه روسيا حتمًا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف