المستشار محمد محمد خليل
خواطر مصري - المستشار جابر ريحان
جابر ريحان مستشار نموذجي. في خلقه. في علمه. في تواضعه. في تقواه. في صلته بربه. في ملكته القانونية. حفظ القرآن الكريم. والاف الأحاديث النبوية.. كان رحمه الله يتمتع بذاكرة حافظة خرافية. لم أعلم مثيلاً لها إلا ما قرأناه عن المرحوم مصطفي أمين. عاشق الصحافة ومجددها.. عرفته يوم تم ندبي للعمل بالتفتيش الفني بوزارة العدل. وكان حينئذ يشغل منصب مساعد لوزير العدل مع احتفاظه بمنصب النائب العام المساعد لاعتزازه بالعمل في النيابة العامة. وحين كان نائباً مساعداً كان مكتبه يعج بالزائرين المهنئين بالمناسبات السعيدة التي تمر علينا مثل عيد الفطر. عيد الأضحي. السنة الهجرية. السنة الميلادية. وهكذا.. وحين تخلي عن الاحتفاظ بهذا القلب» ثقلت أقدام الزائرين. إلا من قليل يعرف قيمة الرجل وقدره.
زاد ارتباطي به يوم ان اختارني معه بلجنة إعادة النظر. وذلك بعد ترقيتي الي درجة مستشار. وظلت علاقتنا فترة من أجمل سنوات عمري في العمل القضائي.. تعلمت منه الكثير.. تعلمت الصبر وحسن الاستماع. والتأني في إبداء الآراء. ومناقشة كل ما يعرض في العمل وصولاً الي القرار الصحيح والرأي السديد.
وحين فاته منصب كان ينتظره قلت له: لعل الله أراد أن يبعدك عن أشياء لا تحبها ولا ترغب فيها. أو لعل الله يدخر لك مكاناً أفضل. وعملاً أصلح لا يليق بأحد. وحين جاء دوره لرئاسة محكمة استئناف قنا. سألني: ما رأيك في أن معالي وزير العدل يفضل لي أن أبقي معه مساعداً.. كان رأيي أن يظل في دوره» حتي يأتي اليوم الذي يرأس فيه محكمة استئناف القاهرة وعضوا بمجلس القضاء الأعلي. وهو عمل يتمناه كل من ينتمي للهيئة القضائية. فلا أجمل ولا أفضل من عضوية مجلس القضاء الأعلي... استراح لهذا الرأي. وجلس علي مقعد رئيس محكمة استئناف قنا.
ويشاء الله ان يحضر رئيس الدولة في ذلك الحين. المشاركة في افتتاح محكمة الأقصر هذا الصرح القضائي المهم. وفي لقاء خاص للرئيس مع المستشارين. دار الحديث حول العمل الارهابي الذي تعرض له رئيس الدولة في أثيوبيا. كان من رأي المستشار جابر ريحان ضرورة ان يكون هناك فريق من رجال النيابة العامة في مصر لمتابعة التحقيقات مع أفراد العمل الإرهابي المقبوض عليهم ومتابعة الاجراءات.. وحين خلي منصب المدعي الاشتراكي كان المستشار جابر ريحان أقرب الأسماء إلي ذهن صاحب القرار.
يحل كثيراً من مشاكل شركات توظيف الأموال والشركات التي خضعت لادارة المدعي الاشتراكي. دون أية تعقيدات بسلاسة قانونية يسرت الأمور علي جميع أصحاب الشركات والمساهمين.. لم يتغير عما كان عليه بعد الجلوس علي رأس جهاز المدعي الاشتراكي. كما يحدث لكثيرين ولوا مناصب مماثلة أو أماكن وظيفية كبيرة. بل ظل في تواضعه. وجديته. وابتسامته. وحديثه الودي الانساني مع كل من يزور مكتبه.
إذا جلست إليه يوماً. حدثك مستشهداً بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وحكايات أولياء الله الصالحين. وعلاقته بالسيدة نفيسة رضي الله عنها. وقد حرص دائماً علي أداء صلاة الجمعة بمسجدها العامر.. وثيق الصلة بالشخصيات القضائية العارفة بالله. وعلي رأسهم المستشار الجليل حبيب القرآن علي خضر رئيس مجلس القضاء الأعلي الأسبق رضي الله عنه.
رحم الله المستشار جابر ريحان كان رجلاً شديد الاحترام. ذكي العقل والقلب. أدي عمله بجد ونشاط مع توكل علي الله في كل ما يقبل عليه ويسعي لتحقيقه.