المصرى اليوم
عباس الطرابيلى
عصر الهبهبة (2)
قلت أمس - فى الجزء الأول من هذا المقال - إننى أتخوف من نكسة رهيبة.. وبسبب تصاعد تساؤل الناس: البلد رايحة على فين؟ ورغم ذلك نجد تصاعد نغمات المصفقين والزمارين.. والأخطر أن من حول الرئيس السيسى عزلوا الرئيس إلى حد كبير.. وأننا نعانى من فارق السرعات بين تحركات الرئيس.. وإيجابيات وتحركات كل المسؤولين، بعد الرئيس.. وحذرت من تنامى سلطات الإعلام الذى يغنى ويدق الطبول ليقدم الجوانب الوردية، ويكاد يخفى أى سلبيات.. ونواصل اليوم فنقول إن «تلك هى

وتلك هى النصيحة الفاسدة التى قدموها يوماً للرئيس جمال عبدالناصر، ونفذها ولكن بطريقته الخاصة.. ولما تمادوا قطع ألسنتهم.. وأمَّم الصحافة كلها.. لتدخل الصحافة المصرية فى جب عميق سحيق وكان أول ضحاياه.. هؤلاء الذين نصحوا السلطان.. ليبقى فى مصر صوته وحده.

وتجاهل المسؤولين وإصرارهم على عدم الرد على ما يثار أمر جد خطير.. بل عادت السلطة - كلها - إلى الانزواء خلف الجدران المغلقة.. وبات السلطان - أيامها - يعيش على التقارير التى يقدمها رجاله.. ومن أشهر هذه التقارير تقارير النكت المصرية، إذ كان الرئيس أيامها مهتماً بكل نكتة يطلقها الناس، على السلطان.. ولما انخفض عدد النكات.. لجأ عباقرة هذه التقارير إلى «تأليف النكت» نفسها.. ونسبتها للناس.. حتى يطمئن السلطان الذى قال إن هذه النكت «تنفيس» عما فى داخل الناس.. فإذا لم يقولوها على شكل نكتة.. فإن هذا يعنى أن الناس بدأت تفكر فى وسائل أخرى للتعبير.. وأيضاً، فى رد الفعل.. لذلك لجأ رجال السلطان إلى تأليف النكت بل فى دفع الأموال لمن يستطيع أن يحبك نكتة.. حتى يطمئن السلطان!! ترى هل عدنا إلى هذا العصر.. ولكن بأسلوب تعمد عدم الرد على ما يقوله كل مخلص فى هذا البلد، أم يذكرنا ذلك برئيس سابق قال يوماً مازحاً لحوارييه الذين يحذرونه مما يقال فى بعض وسائل الإعلام.. فقال: خليهم يتسلوا!!

■ الوضع يختلف الآن، إذ بعد ما جرى فى مصر - تحت السطح وفوق السطح - من أيام 25 يناير إلى 30 يونيو.. وما تبع ذلك من إجبار رئيس على التخلى عن السلطة.. ومن إسقاط رئيس آخر.. بل خضوعهما للمحاكمات المتتالية.. لم يعد سهلاً أن يصمت الشعب.. رغم أن المعروف عن هذا الشعب، أنه مثل الجمل.. يصمت إلى حين.. وينفذ الأوامر إلى حين ولكنه إذا ثار.. دمر وهدم وقلب الدنيا.

■ الناس تعانى، وتئن، وتخرج من مشكلة لتقع فى أخرى.. والغلاء ليس عندنا فى مصر حكومة قادرة الآن على ردعه، أو التخفيف منه على الأقل وكل قراراتها مجرد ردود أفعال.. ليس أكثر.. بل من قراراتها فى المساء ما يهدم ما أصدرته فى الصباح.

■ أم نحن بحاجة إلى حكومة قومية تقدر وتستطيع.. وتتجاوب قبل أن تقع أى واقعة.. ترى هل تسمع الحكومة كلامى.. أم تضم هذا المقال إلى ما نسميه: عصر الهبهبة.. وسوف ينسى الناس؟! هذه المرة: لا وألف لا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف