حين سقطت صخرة الدويقة في جبل المقطم. اقتصرت معظم محاولات الانقاذ علي الجهود التطوعية للأهالي. وهي محاولات بدت عاجزة أمام ضخامة الكارثة. فقد تكوم العشرات تحت الأنقاض يبحثون عن وسيلة للنجاة. واستخدموا أجهزة المحمول لإبلاغ أهلهم بمواضعهم تحت الصخور الصغيرة والتراب الجيري. لكن الوسائل أعوزت من حاولوا الانقاذ. تعالت أصواتهم ومناشداتهم لانقاذ ابنائهم من الموت. وكالعادة طال الوقت في تقديم اقتراحات. واقتراحات مغايرة. وقالت آراء مسئولة لوسائل الاعلام إن رفع الركام مستحيل. وبعد أن سكتت صيحات الاستغاثة ورنين هواتف المحمول من تحت الصخور. وتأكد أن المستغيثين صاروا في عالم آخر. طرح الاقتراح بأنه كان من السهل إنقاذهم باطلاق خراطيم المياه علي الصخرة الجيرية. بما يصنع منفذا للحياة.
استعدت مأساة صخرة الدويقة. وأنا أتابع حادثة غرق المركب بالمتطلعين لمجاوزة ظروفهم القاسية. بركوب البحر إلي بلاد قيل إنهم تضمن الرعاية والعيش اللائق لهم بأكثر مما يجدونه في بلادهم. شبان بمفردهم. أو مع أسرهم الصغيرة. دفعوا الآلاف ثمنا لتحقيق أحلامهم في مغايرة الواقع. لكن سارقي الأحلام من المتاجرين بمآسي البشر جاوزوا ذلك إلي اغتيال هؤلاء الشبان الذين باعوا ما يملكون. واستدانوا. ليضيفوا حياتهم نفسها في مأساة من العيب أن نحملهم مسئوليتها. لقد حاصرتهم الظروف القاسية. فحاولوا مجاوزتها. قرءوا بالتأكيد عن الضحايا الذين ابتلعهم البحر. وعن المعاملة اللا إنسانية التي تعرض لها من استطاعوا الافلات. وبلغوا المدن التي تصوروها نهاية معاناتهم.
الإدانة يجب أن تتجه إلي الأسر التي تترك أبناءها- تحت أي عذر - نهبا للمجهول. وعصابات الكسب الحرام التي تقتل البشر والأحلام دون خشية من مساءلة. بعد أن أجادت تغطية عوراتها. وصغار الموظفين الذين أغرتهم الهبات والرشاوي. فاستغنوا عن ضمائرهم. وصارت عمليات الهجرة من الموانئ المصرية متاحة لكل من يدفع الثمن. وللأسف فإن ذلك الثمن الذي يتقاضونه من عصابات الكسب الحرام لا يعدو جزءا من الكل. والكل هو ما دفعه هؤلاء الشبان بحثا عن الحياة اللائقة بآدميين.
أما لماذا استعدت مأساة صخرة الدويقة. فللنبأ الذي طالعتنا الأنباء بعد أيام من الحادثة. حاول فيها الأهالي إنقاذ أبنائهم. وعلت أصواتهم بطلب الغوث. حتي ان أبا مسكينا قال لسذاجة الاسئلة التي قالها له مذيع التوك شو: قبل ما تسألني شوف حل لانتشال الجثث. ثم جاء الحل متأخرا. وبعد أن شوهت الجثث إلي حد عدم التعرف إلي أعداد من أصحابها. في الرافعة التي وصلت إلي موقع الحادثة المأساة. وبدأت في انتشال الجثث.
لماذا لا نحاسب من يتقاعسون عن أداء عملهم؟!