يقول المثل العربي "بلغ السيل الزُبا. واتسع الخرق علي الراتق. وبلغت الحلقوم".
هذه هي حالة المرور في القاهرة. أو بالأصح القاهرة الكبري. والأمر تجاوز حركة سير لا تتجاوز من 20:30 كيلو متراً في معظم الشوارع. وبالتالي فقدان للطاقة وإهدار للوقت. وتلوث غير محدود.. وبالطبع يتلازم مع كل هذا توتر وانفعال. وشد عصبي. علاوة علي ما نحن فيه من أمور حياتية. المشكلة بلغت من التعقيد ما بلغت حتي الحلول التي سعت إليها الدولة لا تواكب أعداد السيارات التي تزحف. ولا أقول تتحرك في شوارع القاهرة. وتتزايد استيراداً وتصنيعاً دون محاسب أو مراجع. ولا يعمل خط مترو أنفاق إلا وتكون أسباب المشكلة قد تضاعفت. ولا يشعر المواطنون بثمرة ما أنجزه..في دراسة أخيرة عن مشكلة المرور في القاهرة. خلصت بأننا نفقد ما قيمته 40 مليار جنيه سنوياً. قيمة نتائج صحية وبيئية. وفاقد طاقة ووقت مترتبة عنها.. آن الأوان أن نتصدي للمشكلة قبل أن تبلغ مرحلة العقدة التي يصعب التعامل معها. هناك حلول تقليدية يمكن التركيز عليها منها ما يتعلق بالمحاور القائمة أو محاور مستحدثة. وأيضاً محاور مُساء استخدامها يمكن أن تمثل شرايين وأوردة تساهم ولو بقدر عند إزالة الإشغالات والتعديات عليها.. مع الحد من عدد العربات التي تتجول في شوارع القاهرة بالطريقة المناسبة. والتوجهات الاقتصادية القائمة.. وأيضاً فتح الجراجات المغلقة. أو التي تم تغيير استخدامها وتفعيل الإجراءات القانونية في مواجهتها. ولا تبقي حملات تتحرك ثم تهدأ. وتعود الأمور كما كانت. الأمر الذي جعل الشوارع الرئيسية والفرعية جراجات مفتوحة. وأصبح خطاً أول. وخطاً ثان. وخطاً رأسياً.. مما ضاعف من المشكلة وعمَّق أبعادها.. والارتقاء بوسائل النقل العام. بحيث تبقي مقبولة ومرغوبة من طبقات المجتمع.وخصوصاً المتوسطة.. ومحاصرة الميكروباص. ومواجهة مخالفاته. وتبقي المركزية الشديدة التي تحكم أمورنا. ولم تُجد فيها أي محاولة.. وبقيت القاهرة محط أنظار الكافة علي مستوي الجمهورية. سعياً نحو إنجاز مصلحة أو رغبة في حياة أكثر يسراً أو فرصاً للكسب والمعيشة.. يقال إن القاهرة يدخلها يومياً حوالي 2 مليون مواطن. ليس متصوراً أن يبقي مجمع التحرير رمزاً للمركزية المقيتة التي نعيشها.. هذا المبني يحوي المئات من الجهات الحكومية. وما يربو علي ال35 ألف موظف.. أما حان الوقت لتزاول المحافظات وفروع الوزارات اختصاصاتها ولا يحتاج المواطن الانتقال إلي القاهرة في كل صغيرة وكبيرة.. وفي هذا المجال لا يمكن إغفال حلول غير تقليدية آن الأوان لولوجها مثل إجراءات تغيير في مواعيد عمل الجهات الحكومية والقطاع العام والخاص. بحيث لا تبقي الساعة الثامنة صباحاً هي وقت الذروة؟!.. هذا ينطبق علي توقيتات نهاية يوم العمل أيضاً.. ويمكن تطبيق مقترح أرقام فردية للسيارات تسير يوماً. والزوجية يوماً آخر في كل الأحوال. الوقت ليس في مصلحة حلحلة هذه المشكلة. لكن يصعبها أكثر. علينا أن نتخذ من الإجراءات والقرارات والمقترحات فوراً دون إبطاء. ويا حبذا لو تم ذلك من خلال هيئة واحدة تتجمع فيها كل الجهات المعنية بالمرور بالقاهرة الكبري. تخطط وتبرمج وتنفذ بفكر متكامل.