لاشك أن حادثة غرق مركب رشيد منذ أيام أصابت وأوجعت الملايين من الشعب وتركت حزنا شديدا لدي أقارب وأهالي الضحايا وهذه الحادثة سوف تترك أثراً كبيراً سيئاً لمدة طويلة.. لأن أغلب الضحايا من الشباب الذي لم يجد أمامه إلا هذه الطريقة للبحث عن مستقبل حتي ولو كان المستقبل مرهونا بالغرق في المياه لذا يجب معاقبة أولئك المتسببين الحقيقيين في تدمير شباب مصر وبسبب الجشع والطمع من أصحاب القلوب الضعيفة الذين يستغلون هذه الفئة من الشباب.. كما يجب معاقبة المدنيين وتجار البشر والاستهتار بأرواح الشباب وضياع طموحاتهم.. وكم ناديت كثيرا بضرورة الاهتمام بالشباب وعدم تركهم والاستفادة منهم لأن مصر تحتاج لجهود كل واحد منهم وكم ناديت أيضا بضرورة الابتعاء عن المغالاة في الطريقة التي تدار بها المسلسلات والأفلام السينمائية واظهار الملايين ولغة الأرقام الكبيرة بأنها شئ عادي في مجتمعنا وأمامنا أجيال وشباب يشاهد هذه الأعمال والمبالغ الخرافية التي تتعدي العشرة ملايين جنيه لفنان واحد لقيامه ببطولة مسلسل أو فيلم سينمائي وكم طالبت المنتجين بعدم السماح بتصوير الأعمال الدرامية في الفيلات والأماكن الفارهة وأيضا المؤلفون الذين يتعاملون مع الأرقام والملايين كأنها عادية بين المجتمع ونسوا أو تناسوا بأن فئة من المجتمع ليست كثيرة هي التي تتمتع بالمعيشة الهاي وكم طلبت من الفنانين والفنانات بضرورة المراعاة في ملابسهم لأن العيون الشبابية تقلدهم في كل شئ حتي طموحاتهم وكم طالبت رجال الأعمال المحترمين الذين يخافون الله ويحبون بلدهم بضرورة اقامة مشروعات صغيرة خاصة لتشغيل الشباب وكم طالبت المحافظين بالخروج للشوارع والبحث عن أماكن تصلح لعمل مشروعات صغيرة لتوفير فرص عمل للشباب ولو فعل أغلب المحافظين ذلك فلن نجد من يفكر في الهجرة غير الشرعية التي لا يعلم نتيجتها إلا الله.. فليس كل من يهاجر يجد الطريق مفروشاً بالورود.. وكم طالبت بضرورة تقديم برامج خدمية وتوعوية وتنموية للشباب حتي يستفيد منها الجميع بعد أن أصبح الفيس والنت هو المعرفة والتوعية في نظر البعض.. وهو في الحقيقة جاء خراباً لبعض البويوت ومقطعا للأرحام بين الأخ وأخيه وأصبح "الفيس والنت" هو الملاذ والملجأ والحكم بين الناس بسبب ابتعاد التليفزيون المصري عن تقديم برامج تنموية وتوعية وضعية وسلوكية للمشاهدين واتجاه بعض القنوات الفضائية الخاصة ببرامج التوك شو والمطبخ والتي حلت مكان البرامج الخدمية والتوعوية وحتي البرامج الدينية.. ولكن يبدو أن ما نكتبه في واد والمسئولين في واد آخر وهناك عزلة شديدة في المجتمع بين الكتابة والمسئول الذي في يده القرار.. وهناك عزلة أيضا لمن يجب عليه اظهار ما يكتب وعرض ذلك للمسئول حتي نسرع في وضع الحلول السليمة قبل ان تتفاقم المشكلة مثلما حدث مع مركب رشيد وغرق أكثر من مائة وستين شخصا.. أم أننا سنظل مثل المريض الذي يذهب لاستشاري وبعد التشخيص السليم يهمل ذلك المريض في عدم الالتزام بالعلاج فكيف تكون النتيجة وقتها؟!