أمانى هولة
اسم والدة حضرتك .. حكايات وطن 87
ممكن أعرف اسم أمك...sorry أقصد يعنى والدة حضرتك...طب إيه اللى بيضحك دلوقتى.. هو أنا قلت حاجة غلط.. مش عايز تقول ليه؟؟ ما أقصدش أى إهانة والله.. طب احسبها معايا كده.. مش الاسم وسيلة تمييز الإنسان...مش إنت بتنده لزميلتك فى الشغل باسمها.. لبنت خالتك لأختك وصاحباتها كمان.... فين المشكلة بقى.
الحكاية أننا بعد حضارة عظيمة فى تاريخنا الفرعونى خلدت المرأة كأيقونة الحب والعطاء وملكة الحياة المتوجة.. جاءت عصور مظلمة فى غفلة من التاريخ حولتها إلى متاع خاص لها مُلاك محددون يتم تداولها بينهم من أب لأخ لزوج، حتى الابن إنه موروث الثقافة الشرقية المتناقضة التى تتعامل مع المرأة بمنطق ذكورى متغطرس.... فبمجرد إنجابها لطفل تصبح كنيتها (أم فلان) هى الأولى بالذكر، وتفقد هويتها المستقلة لدرجة أنها تتردد وتشعر بالخزى من ذكر اسمها الحقيقى.
حتى أصبحت مناداة ابن سعاد أو ابن فوزية مهانة يتندر به الأقران فى مشاغباتهم ويتعاير بها الصبية والمتشاجرون فى مشاحناتهم.
رغم أن الله عز وجل ذكر سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام مقروناً باسم أطهر نساء الأرض العذراء مريم تذكيراً بمعجزتهما وتكريماً لها (وَآتَيْنَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) «البقرة 87»، وكان سبحانه قادراً على ذكر اسمه مجرداً أسوة بسيدنا موسى وإبراهيم وإسحاق وغيرهم وكما أورده فى آيات أخرى بدونها.. ويزعم بعض أهل العلم (وليس أغلبهم) أننا سنُعرف يوم القيامة بأسماء أمهاتنا فى الموقف المشهود، وهو الأمر الأكثر منطقية، عندما ينكشف المستور ويدرك نسبة (نرجو أن تكون قليلة) من البشر أن آباءهم ليسوا من كانوا يعتقدون.
أما أكثر ما يثير الحفائظ فى تلك الثقافة الانتقائية لذلك الذكر الاعتبارى أنه منح نفسه الوصاية والحقوق.. فابتكر توليفة من الأعراف والمفاهيم.. متخيراً من الدين ما يناسب هوى اختلط فيه العيب بالحرام وأصبح كل منهما يتكئ على الآخر عندما تضعف الحجة وينعدم المنطق.. فيصبح صوت المرأة عورة.. رغم أن السيدة عائشة كانت من أفقه الناس وكان المسلمون إذا اختلفوا على أمر لجأوا لها تفتيهم، فهل كانت تعلمهم بصوت هو عورة؟؟
وأصبح أسرع طريق إلى جهنم أن تظهر المرأة شعرة واحدة من شعرها.. لا أن تكون زانية أو قاتلة أو خائنة للأمانة أو مغتابة...وهكذا شاب الدين الكثير من المنفرات للمنطق السليم وفتحت أبواب للجدل والبغضاء فى محاولة دائمة لقهر المرأة.
ولكن ما زالت تفاجئنى (شقاوة ستات) تمارس بعض العادات المحببة إلى القلب تجد دائماً للأم منها نصيب ببراءة السؤال عن اسم أمى للدعاء لى فى الأيام المفترجة والمناسبات المختلفة من سيدات لم يقتصرن على رقيقات الحال والبسطاء بل أثارت ابتسامتى طنط ابتهاج حبيبتى بهذا السؤال الجميل، لتعلن انضمام سيدات المجتمع المخملى والطبقة الراقية أيضاً وهن يقمن بفريضة الحج زلفاً.. أخبرهن وأخبر الجميع عن طيب خاطر وامتنان.. (امى أسمها أمينة) وأنا مطمئنة لوصول الدعوات الجميلة فى كل الأحوال لرب العباد على أمل الاستجابة، فمن يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور لن يحقق الدعوة للإنسان الخطأ حتى دون ذكر اسم أمه (ما عاذ الله).. لاستنتج أنه موروث ثقافى ربما من أعمال السحر عندما كان يسخر الإنسان الجن لتنفيذ رغبة ما.. ولأن (شمهورش) غير حامل للأمانة التى انفرد بها الإنسان.. ولأنه كائن محدود القدرات كان يتم تحديد المستهدف بالسحر بدقة أكثر بذكر اسم أمه حتى لا يخطئه.
والآن رغم كل ما حققته المرأة الشرقية ما زال أمامها مشوار طويل للوصول إلى المساواة والعدالة اللذين منحهما لها الله فى الحقوق بعد أن نالت نصيبها وزيادة من الواجبات، فأصبحت معيلة للبيت والأولاد ورفيقاً متخاذلاً فى كثير من الأحوال مكتفياً بصحبة الرفقاء على المقاهى والطرقات منتظراً عرق الولايا فى ظاهرة مؤلمة مستحدثة على مجتمعنا مكتفياً باسترداد عباءة سى السيد وطربوشه، و(حماشته) وقت اللزوم مطالباً (الجماعة) بكل واجبات الست أمينة وطاعتها وغلبها وهو يمنّ عليها أنه منحها الحرية، غير مدرك قهر وفوقية التعالى بحق المنح والتى بالتبعية تعطيه حق المنع أيضاً..
هذا لا يجعلنا ننسى بعض الناجين من أسمال الرجعية، وهم يهدونا بعضاً من رياحين الارتقاء بالمشاعر والوجدان، فيقول جبران خليل جبران: (أجمل ثلاث نساء فى العالم: أمى وظلها وانعكاسها فى المرآة).
لسه برضه ما قلتليش...ممكن أعرف اسم أمك؟