المساء
أحمد عمر
يعمر ساقية.. ويخرب طاحون
كهذا يصف المأثور الشعبي حالة "البهدلة" التي نعيشها من تخبط وغياب للرؤية حتي في انجاز الأعمال. فمع كل مشروع جديد يقام هناك مشروع في المقابل يجري تخريبه أو اهماله عن عمد أو خيبة فيخرب.. يتوه منا في زحمة الأحداث والمشاكل اليومية الهدف الاستراتيجي للانجاز ألا وهو تحقيق تنمية حقيقية للمصريين وأن يتحقق الوعد الرئاسي بأن تبقي مصر قد الدنيا.. ينسخط الهدف إلي "شو إعلامي" يمجد الوزير والمسئول عن تنفيذ المشروع الجديد.. أما "القديمة" القائمة فلا صاحب لها ومن أنجزوها ماتوا.
** بلدنا في حاجة إلي انفاق كل قرش متاح في مكانه الصحيح وليحقق أكبر عائد في أسرع وقت.. الشارع ينتظر بفارغ الصبر تحقيق وعود التنمية متطلعا إلي المشروعات التنموية الجديدة الجاري تنفيذها في سيناء ومحور قناة السويس. وشبكة الطرق. والمزارع السمكية الهائلة حول القناة وفي بورسعيد وكفر الشيخ. والصوبات الزراعية العملاقة ومشروعات استصلاح الأراضي الجارية شرقا وغربا.. لكن لن يخدم الهدف النهائي للتنمية اهمال المشروعات القائمة وخنق المناطق الصناعية المنتجة.. فالمئات من مصانع الغزل والنسيج وغيرها تغلق أبوابها نتيجة سياسات اقتصادية وضرائبية تعجز الصناع عن توفير المواد الخام وتجعل المنتج المصري أغلي من المستورد.. وتدفع أصحاب الأموال إلي الهروب من الاستثمار في مجالات التصنيع والعمل تحت مظلة القانون.. إلي مشروعات "بير السلم" واقتصاد الظل والأنشطة الهامشية.
** من الجيد أن تقيم الحكومة المشروعات والمساكن لمحدودي الدخل.. لكن من الضروري تشجيع المال الخاص علي المشاركة أيضا.. ليس بالكلام والخطب الرنانة إنما بإجراءات حقيقية وواقعية وتشريعات واضحة لا لبس فيها تشجع وتحمي من بيروقراطية مضروبة بالفساد.. فليس خافيا أن الناس صارت تتنفس فسادا.. وأن تكلفة وتبعات التحايل علي القانون صارت أكثر جاذبية من الالتزام بالقانون واللوائح وان المستفيد دائما هم طبقة من الموظفين "صغارا وكبارا" منتشرون في كل موقع وكل مصلحة حكومية.. والخدمات في بعض الأماكن الحيوية المرتبطة بالأنشطة الاقتصادية للمواطنين صارت لها قواعد فساد راسخة ولها سماسرة وتسعيرة وخدمات "ديلفري".. بينما جهود مكافحة الفساد مازالت باهتة وأقل كثيرا من حجم الكارثة التي تقتل التنمية.
** الفساد ياسادة قادر علي انجاز بعض الأنشطة والأعمال لكنه يطرد الاستثمار الحقيقي.. يقتل المسافرين علي الطرق.. يخنق المارة في الشوارع.. يقيم العشوائيات ويفرض الأتاوات يدمر الثقافة ويخرب التعليم ويصنع العراقيل أمام مشروعات الشباب.
** التنمية ستظل سرابا بدون مكافحة الفساد. وتلك لن تجدي نفعا بالاكتفاء باسنادها إلي أجهزة رقابية وأمنية.. إنما تتطلب إلي جانب توفر الإرادة السياسية إدارة تنفيذية جيدة تقوم علي تطبيق منظومة متكاملة للمكافحة تتضمن تنقية التشريعات وتبسيط الإجراءات وتطبيق منظومة عادلة للأجور والمرتبات.. التنمية لن تتحقق بتعمير السواقي إلا إذا توقفنا عن تخريب الطواحين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف