صابر شوكت
عمود الخيمة.. والحلم المصري
لست مع وصف جيش مصر العظيم بأنه «عمود الخيمة المصرية» ورغم ان جيشنا بالفعل تاج علي رؤوس جميع المصريين إلا أن التاريخ والأرض والسماء يشهدون بأن عمود الخيمة المصرية هو شباب هذه الأمة إذا انصلحت أحواله.. تنصلح أحوال بقية أركان الخيمة من جيش وقضاء وعلماء وأمن وعمال وفلاحين وغيرهم وان تركنا «سوس» القهر واليأس والإحباط ينخر في هذا العمود تهتز سائر أركان الخيمة المصرية وتهدد بانهيارها علي رؤوس جميع من داخل الخيمة وهم المجتمع المصري شعباً وحكومة وقيادة...!
.. وبالورقة والقلم.. نجد أن الجيوش لا تصلح أوتاداً أو أعمدة لحمل لواء الأمم والشعوب.. حتي في بيزنطة وروما القديمة كانت الديمقراطية والشعوب الحرة وشبابها هم الأوتاد والأعمدة التي تأسست عليها الحضارات القديمة.. وتظل الجيوش هي الحارس الأمين لحماية خيم الشعوب الحرة التي تصنع الحضارات.
وحولنا في العصر الحديث.. نجد.. الديمقراطية والشعوب الحرة هي عمود الخيمة التي صنعت الدول العظمي التي سادت العالم اليوم في أمريكا وروسيا واليابان والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
بينما نجد أن روسيا في زمن الاتحاد السوفيتي وكذلك الصين عندما كان «عمود الخيمة وقتها» للديكتاتورية والجيوش ظلت متأخرة عن الدول العظمي.. ولم تتقدم إلا عندما «أعادت عمود الخيمة» للشباب والشعب الحر والديمقراطية الحقيقية الكاملة.. وأمامنا الأن نموذج «عمود الخيمة» العسكري مثالاً صارخاً في كوريا الشمالية التي حولت الشعب كله إلي عبيد ورعايا في أوطانهم متخلفين.. بينما جارتهم كوريا الجنوبية يصنعون الحضارة والإنسانية والتقدم تحت خيمة يحمل عمودها شعب وشباب حر يعيش بديمقراطية حقيقية يحرسها جيش قوي.
ورغم ذلك.. فإن الخيمة المصرية.. تختلف عن بقية شعوب العالم.. ومتفردة في ميزتها.. فعمودها شباب الأمة.. يزيد عدده علي ٤٠ مليون نسمة منهم ٢٢ ونصف مليون في مراحل التعليم.. هؤلاء هم عمود الخيمة المصرية.. هم الوتد القوي الذي سينهض بهذه الأمة.. هم الوقود الذي يضخ بلا انقطاع في جميع أركان الخيمة المصرية جنوداً مقاتلين وقيادات عسكرية بواسل.. وقضاة وعلماء وعمال وفلاحين ومثقفين وغيرهم.. شباب الأمة عمود الخيمة المصرية.. يتميز عن سائر الأمم بأنه وأهلهم وجيش مصر سيظلون في رباط إلي يوم الدين.. ومنهم يخرج خير أجناد الأرض.. وهي نبوءة سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم لصحابته الأجلاء الذي لا ينطق عن الهوي. لذلك عار علينا بعد ثورتين عظيمتين.. أن نعطي ظهورنا لهؤلاء الشباب الصابر.. عار علي مصر أن يستمر بعض من شبابها تحت تأثير اليأس والإحباط.. مفضلاً الموت والفرار من مصر علي الحياة علي أرضها الطاهرة.
إننا مطالبون كمجتمع ومسئولين.. أن نسمع أنين شباب الأمة الذي يدفعه لذلك.. وعلينا أن نصنع لهم آمالاً حقيقية بعد صبر خمس سنوات منذ ثورة يناير.. وتزايد طابور البطالة بعد سقوط العراق واليمن وليبيا «منفذ شباب مصر».
إن شباب أمريكا.. الكاوبوي هم الذين صنعوا حضارتهم الحالية منذ ثلاثة قرون.. بمجتمع فتح لهم آفاق الزراعة والثروة الحيوانية.. فصنعوا اليوم الحلم الأمريكي علي أكتاف الكاوبوي. نريد فوراً من جميع مسئولي مصر.. استغلال حماس شباب الأمة الذي يغامر بالموت والهجرة بحثاً عن الرخاء أن نوفر له هذا الرخاء في بلاده.. نطالب الرئيس فوراً «بتفعيل» الـ٢٠٠ مليار جنيه المخصصة بالبنوك لمشروعات هؤلاء الشباب.. ان نفرج عنها وتحويلها لشريان حياة ومرافق بالصحراء ولو عشرة ملايين فدان.. ونملكها لهم فوراً.. لنقيم نهضة حقيقية علي أكتاف مليون «كاوبوي مصري» مستعدين للموت في الصحراء بمشروع زراعي وحيواني.. لتحقيق الحلم المصري.. والتأخير خطر.. ألا قد بلغت.