الكلمة هنا هى الخبر أو الحدث أو الحكاية أو الرواية.. التى سوف يصبح حديث الناس.. الغلابة منهم وما اكثرهم.. والمستريحين والشبعانين الواصلين إلى المراد من رب العباد فى أقرب وقت ومن أقصر طريق.. والخبر والرواية أو الحدث أو الحكاية تملأ اذاننا قبل أعيننا.. وتملأ أعيننا قبل اذاننا.. هنا الخبر يطير فى الجو قادما عبر الأثير وأمواج الإذاعة وشاشات التليفزيون ويقدم على شبكة النت ومواقع الأخبار وشبكات التواصل الاجتماعى التى تسابق الريح وتخترق الجدران والحواجز ولا يحجبها حاجب ولا يقف فى طريقها أنسى ولا جان.. لأنها واصلة إلينا.. وستصل لهما قبلنا لكى تمنعها عن الوصول.. كما تفشل الأمهات فى منع بناتهن من النزول إلى الشوارع ولقاء كل من هب ودب.. لعل السنارة تشبك هذه المرة ويقع المطلوب فى مصيدة الزواج قول آمين.
ولقد اتى على الإنسان حين من الدهر فى زماننا هذا.. وقد أصبح يعيش داخل الخبر نفسه.. بل ويحضر ساعة صناعته.. وساعة إذاعته.. وربما ساعة تحقيقه وساعة تكذيبه.. إذا أحدث ضجة غير مطلوبة ونال من أحد أو حتى لم يحدث ـ برفع الياء وسكون الحاء ـ الضجة والتأثير المطلوب أن يحدثه.
ما علينا...
لقد جلسنا.. كعادتنا بين حين وحين وبين وقت وآخر.. نحن أصحاب الجباه العالية المعفرة والصدور القلقة والقلوب المثوبثة غيرة وقلقا على البلد.. خوفا من أن يصيبها حاشا لله.. أى مكروه.. أو حتى أى لمحة كدر ـ بنصب الكاف وسكون الراء.. يعنى ما يحزنها أو يعكر صفو أيامها الخوالي.
نحاول فى سعينا هذا أن نأخذ حذرنا من خسيس الضوارى ولئيم الثعالب فضلا عن ماكر الأسود والنمور من الدول والتنظيمات التى ظهرت فى البخت لنا وللعالم كله وتريد لنا وللدنيا كلها من حولنا.. شر المستخبي!.. من أمثال جماعة داعش والنصرة وبيت المقدس والقاعدة وبوكوحرام النيجيرية.. وكلها تعيش على الدم والقتل والتفجير وانهاء عصر الإنسان الطيب المسالم على الأرض كلها.. وترفع بكل اسف راية الإسلام.. وهى التى اساءت إليه أكثر مما اساء إليه أبوجهل وقبيلته وابولهب وزوجته حمالة الحطب التى فى جيدها حبل من مسد!
..........
..........
جلسنا نحن أصحاب الجباه العالية ـ كما يطلقون علينا ـ يعنى المفكرين وأصحاب الرأى والهمم.. وأمامنا حزمة من صحف الصباح والمساء وأمام أعيننا شاشات النت ومحطات التليفزيون مصرى وعربى وأجنبى وجريجى كمان.. واذاننا التى تسمع دبة النملة منصتة طوال الوقت لكل نفس يخرج من الراديو.. وعلى منضدة بثلاثة أقدام وقدم مكسور تئن تحت أكوام الصحف الناطقة بالعربية تقلب صفحاتها.. ونعلق نحن أصحاب الجباه العالية ـ كما يطلقون علينا.. على كل ما جاء فيها بالتحليل والتعليق والقول الفصل..
..........
..........
{ أول خبر.. أو خبر الساعة الذى نزل كالصاعقة على كل إنسان على أرض مصر.. وأقام سرادق أحزان فى كل صدر. هو خبر مركب الموت أمام رشيد والتى مات فيها غرقا حتى الآن 211 إنسانا ويزيد من الشباب الحائر الذى لم يجد فوق تراب بلده.. وتحت ظلال أشجاره الوارفة الخضرة والظلال لقمة عيش شريفة عفيفة وعدد العاطلين الذين بلا عمل فى بلدنا قد تجاوز الـ8 ملايين شاب..
{ الخبر هو مصرع 211 شابا حتى الآن.. غرقوا فى مركب الموت الذى ركبوه هربا من البطالة والفقر والعوزة والحاجة والضياع.. واختار أنت يا عزيزى الكلمة المناسبة لمأساة هؤلاء الشباب الذين ماتوا غرقا أمام رشيد يعنى على مرمى حجر عن الشاطئ المصري.. وغرق معهم مركب الضياع واحزنى يا كل أمهات الأرض كلهن.. وليس أمهات مصر وحدهن!
{{ التعليق لأصحاب الجباه العالية: قال قاض على المعاش: قدمنا قانونا جاهزا صدق عليه مجلس النواب الحالى كأنه يستقرئ الأحداث ويتنبأ بها ـ فى يونيو الماضي.. وينظم ويحدد العقوبات ويفتح طريق الأمل للشباب للعمل والحياة..
ولكن لا أحد اهتم به.. وحتى لم يعرف به.. إلا بعد وقوع الكارثة التى دفع ثمنها نحو 211 شابا وفتاة وطفلا.. فى انتظار ما سوف تخرجه لنا الضفادع البشرية وفرق الإنقاذ والكراكات من موقع الحادث الحزين!
وقال قائل: لابد من عقاب رادع لكل من تسبب فى مصرع هذا الشباب الصغير إلى جانب أنه لابد من انهاء حالة البطالة المزمنة التى أصابت شباب مصر وغدها المشرق فى مقتل..
وقالت سيدة تلبس النقاب لكن تحت النقاب على سنجة عشرة: لقد سمعنا عن مائة مشروع ومشروع لتشغيل الشباب.. وألف فرصة عمل فى ألف مشروع.. ومازال بندول البطالة كما هو.. ومازالت بوصلة البطالة تشير إلى الرقم صفر!
يعنى مافيش شغل.. لحد أمتى بس؟
وقال ناظر مدرسة له ثلاثة أولاد بنتان وولد تخرجوا فى جامعاتهم ولم يعملوا بعد: يعمل ايه بس أولادنا قاعدين جنب شهاداتهم فى الدار.. كان زمان على أيامى كل واحد يتخرج من هنا.. يجيلوا جواب التعيين على طول.. وكلنا توظفنا كدة وما اغرقناش زى ولادنا مابيطمرمطوا دلوقتي!
قبل أن نغلق ملف البطالة التى دفعت الشباب الصغير إلى الذهاب لطريق الموت.. بدلا من الجلوس تحت شجرة عاطلين.
قال قائل: لماذا لا يعود نظام تعيين الخريجيين كما كان من قبل.. كلنا فى شبابنا جاءتنا هذه الخطابات لكل منا من قبل.. ومنا من اختار العمل الحر.. ومنا من أكمل تعليمه من أجل مستقبل أفضل..
..........
..........
اسمحوا لى هنا أن أحكى لكم حكاية من حكاوى كتابي: أيام فى القلب.. إنها حكاية زميلى العزيز محمد زايد رفيق عمرى فى بلاط صاحبة الجلالة عندما كان يعمل محررا تحت التمرين فى قسم التحقيقات الصحفية.. وخشى ألا يتم تعيينه فى الأهرام.. وجاءه خطاب بتعيينه مدرسا للغة العربية فى مدرسة القنايات الإعدادية فى محافظة الجيزة.. وطلب منى أن أذهب معه لتسلم عمله وأمام المدرسة طلب منى أن اتقدم أنا بوصفى محمد زايد.. وتقدمت ورحبت بى الناظرة وتسلمت عملى كمدرس للغة العربية باسم محمد زايد حتى لا تضيع عليه الوظيفة.. فلا طال بلح الشام ولا عنب اليمن.. وتسلمت الوظيفة.. ووقعت باسمه.. وقمت بتدريس أول حصة فى اللغة العربية لبنات أولى ثانوى أدبي.. وانتهى اليوم الدراسى وخرجت من المدرسة مع حضرة الناظرة وجمع من المدرسات والمدرسين.. وكان فى انتظارى على المقهى عمنا العزيز الغالى محمد زايد..
وتشاء الأقدار.. انه لم يمض أسبوع واحد.. حتى وقع الأستاذ هيكل قرار تعيين محمد زايد محررا أصيلا معى فى قسم التحقيقات وضاعت على محمد زايد وظيفة مدرس لغة عربية فى مدرسة القنايات الإعدادية.. وفى كل مرة نتقابل معا أقول له مداعبا: موش برضه مدرس فى مدرسة القنايات الإعدادية للبنات.. كانت أحسن من مرمطة الصحافة وشغل اللالي!
..........
..........
{ الخبر رياضى هذه المرة: قال قائل: يا جماعة نادى الزمالك القطب الأبيض للكرة المصرية.. باعتبار الأهلى هو القطب الأحمر.. خسر من نادى الوداد المغربى بطل المغرب بخمسة أهداف لهدفين.. صحيح أنه تأهل لنهائى كأس افريقيا.. لكنه خسر بهذا الرقم القاتل.. ربما لأول مرة فى تاريخه وتاريخ الأندية المصرية!
قال قائل: لكل مباراة ظروفها التى لا نعرفها.. وقد شاهدنا الزمالك وقد تعرض لضغط جماهيرى هائل يصعب مقاومته..
وقال قائل: المدرب غلطان واللاعبون يستاهلوا العقاب!
وقال شاب رياضي: ما جرى عار حقا على الكرة المصرية!
وقالت شابة مليحة ظريفة: المهم أنه صعد للمباراة النهائية.. اذكروا محاسن فرقكم!
{ وقال نفس الشاب الرياضي: طيب انتم قايمين قومه على الزمالك رغم أنه صعد إلى المباراة النهائية فى البطولة وحيفوز بها إن شاء الله..
امال تقولوا إيه لتأخر ترتيب مصر نفسها فى قائمة دول العالم فى كرة القدم.
مصر ايها السادة أصبحت فى المركز الـ55 عالميا.. متراجعة عشرة مراكز دفعة واحدة.. كما انها أصبحت فى المركز السابع افريقيا!
{ آخر خبر قرأناه وعلقنا عليه نحن أصحاب الياقات البيضاء يقول: مجلس الوزراء يبحث قريبا إلغاء حبس التظاهر دون اخطار.. والابقاء على الغرامة.
يسأل الحاضرون: الخبر ده جه من أى مصدر؟
الجواب: من جريدة الوطن.. يوم 9 سبتمبر الماضي..
{{ قالوا فى نفس واحد: لو صدق هذا الخبر حيبقى أحسن خبر السنة دي!
..........
..........
{ قالت فتاة ذات شعر أسود طويل كانت تجلس فى آخر الصف: طيب ما قولكم عن خبر قرب انفصال انجلينا جولى صديقة اللاجئين؟ العرب التى زارتهم مرارا فى معسكراتهم وتبرعت لهم كثيرا.. مع زوجها النجم الأمريكى المحبوب برادبيت؟
{{ قالوا فى نفس واحد: هذا أسوأ خبر لهذا العام ونرجو أن يعلن الزوجان تكذيبه قريبا!
{ قالوا: الخبر احالة قاضى الصور الفاضحة إلى المعاش!
{{ التعليق: قلنا فى نفس واحد: يستاهل!
{ الخبر: اغتيال الكاتب الأردنى ناهض حتر بالرصاص أمام المحكمة قبل مثوله أمام القضاء بتهمة ازدراء الأديان!
{{ التعليق هنا لى أنا: إن أصحاب العلم.. لهم اخطاء يتحاسبوا عليها.. لكن قتل بالرصاص لأصحاب الرأي.. غير معقول وغير مقبول.. واللا ايه؟
الجميع فى صوت واحد: إلا قتل أصحاب الأقلام وأصحاب الرأي! محاكمة ماشي.. لكن قتل لأ
ولكن ما قولكم دام فضلكم فى هذا النمر المفترس الذى وثب فى العياط على طفلة مسكينة وأكلها.. إزاى بس يبقى فيه نمر سايب كده فى الغيطان؟
قالوا: حكم رادع لصاحب النمر!
..........
..........
قال لى صديق عزيز لم اره منذ فترة طويلة: يا عزيزى مافيش واحد اقابله الايادم دي.. إلا لما يقولي: تعرف يا أخى أكتر حاجة مزعلانى من نفسى ايه؟
اسأله: ايه؟
قال: إن أنا طيب زيادة عن اللازم!
يعنى كل الناس فجأة بقت ملايكة يعني.. امال فين الشياطين؟ .. عجبي{!