المصريون
شريف قنديل
بيريز وبيجين.. الرحمة تجوز على عبدالله الجفري !
فور أن مات شيمون بيريز، تذكَّرت على الفور الإعلامي والأديب الراحل عبدالله الجفري.. والحاصل أن الأمر نفسه تكرَّر فور الإعلان عن وفاة الصهيوني الدموي الآخر مناحم بيجين. والذي حدث أنني كتبتُ مقالًا في صحيفة الاقتصادية، التي عملت مديرًا لتحريرها في أزهى عصورها، تناولتُ فيه التاريخ الأسود للرجلين، غير أنني استخدمت على سبيل السخرية عبارة: "الأخ بيجين "الله يرحمه" والصديق بيريز".. كنتُ حينها استخدم وصفين لأنور السادات وحسني مبارك. ورغم حدّة الهجوم على الزعيمين الصهيونيين، وربطهما بمذبحتي دير ياسين وقانا، فقد ثارت ثورة الأديب الجفري، وكتب مقالًا في صحيفة "عكاظ" يُعرب فيه عن خيبة أمله في كاتب العمود الواعد شريف قنديل، الذي يترحَّم على مناحم بيجين، ويصف بيريز بالأخ شيمون! والحق أن الفرح غشيني في هذا الصباح الجميل، عندما دخل مَن يُبلّغني بأن الأستاذ الجفري هاجمني في عموده الشهير "ظلال". أما مصدر الفرح، فلم يكن فقط في تخصيص الجفري لعموده الشهير للحديث عني، خاصة وهو يقول: "كنتُ أتابع باهتمام شديد زاوية "توابع"، للكاتب الواعد شريف قنديل، قبل أن يصدمني باستخدام وصفين في مناحم بيجين وشيمون بيريز لا يصح استخدامهما في الصحافة السعودية". لقد كان مصدر فرحي في الواقع؛ هو تأكيد كاتب بحجم الجفري على رفض التطبيع، فضلًا عن استخدام وصفين لا يجوز استخدامهما مع قاتلين. ومن فرط الفرح، أرسلتُ رسالة خاصة للكاتب الكبير، أُعبِّر فيها عن الشكر الشديد والفرح الأشد لموقفه العربي الأبي، معربًا عن سعادتي الحقيقية بموقف الكاتب من قتلة شهداء الأمة من المصريين والعرب، ومنهم الشهيد طيَّار "وحيد قنديل". وفي الصباح التالي لوصول رسالتي، فوجئتُ بنشرها كاملة في زاوية الجفري، الذي عبَّر عمَّا وصفه حرفيًا بجسارة وتواضع ونقاء الصحفي الشاب إلى آخر المقال. تذكَّرت الجفري وأنا أتخيَّل جنازة بيريز، التي لن تخفي أبدًا ذلك الدخان، بل الغبار الأسود الممتد الذي يحمل في ذرَّاته شرًا قديمًا، وجنونًا وحقدًا، وسموم وقنابل، حصدت آلاف الأرواح في فلسطين ولبنان. أقول إنه مهما سَلَّطت الكاميرات عدساتها على عزاء عباس وطاقية أوباما، والتبَّاع كلينتون، وتأوّهات أولاند، لن تنسى الأجيال قادة العدوان الثلاثي على مصر، ومذبحة دير ياسين في فلسطين، وقانا في لبنان. بالقرب من الجنازة، أُمّهات ثكلى، ودماء عالقة بالثياب وفوق أطواق الحمام.. كلها تشهد أن بيجين وبيريز -الحائزين على نوبل- صلبا على الأرض السلام.. ورحم الله.. عبدالله الجفري.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف