الوطن
أحمد ابراهيم
خراب بيت المهمل قبل الظالم!!
قامت الدنيا ولم تقعد بسبب خطأ التليفزيون المصرى فى إذاعة حوار قديم لرئيس الجمهورية بدلاً من الجديد، ورغم جسامة الخطأ غير المقبول فإننى أرى أنه شىء طبيعى ويتسق مع المرحلة التى نعيشها، المشكلة أننا ننسى أو نتناسى عمداً أن كل يوم نقع فى نفس الأخطاء ونقوم بنفس رد الفعل ونحاول علاجها بنفس الطريقة الساذجة ونتوقع نتائج مغايرة، فهناك مراكب ومعديات تغرق فى المياه بنفس الطريقة وتحصد أرواح آلاف المواطنين وكذلك حوادث الطرق والقطارات (حبس السائق وصاحب المركب) واستهداف للأكمنة الأمنية بنفس الطريقة (تمشيط المنطقة للبحث عن الجناة) وكوارث فى التعليم والصحة والنقل والاقتصاد والمحليات والأوقاف والأزهر والإسكان وفى معظم مؤسسات الدولة (والحلول شكلية) حتى مؤسسة الرئاسة نفسها لم تسلم من الأخطاء فقد سبق وعزفت السلام الوطنى الروسى بالخطأ أثناء زيارة الرئيس بوتين لمصر، هذه الأخطاء الجسيمة والمتكررة لن تتوقف ولن تكون الأخيرة بل سوف تزداد عدداً وجسامة لأننا لا نريد الاعتراف بالمشكلة، ونحاول علاج العرض وليس المرض، وما زالت سياسة رد الفعل هى أسلوب حياتنا، فالمشكلة الحقيقية التى لا نريد الاعتراف بها هى أن الإهمال ضارب بجذوره فى معظم مؤسسات الدولة وليس ماسبيرو فقط وكما يقول المثل الشعبى «بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم» والإهمال هو نوع من الفساد، وحتى اللحظة لا توجد نية حقيقية للقضاء عليه، وإذا اعتبرنا أن الإخوان هم وراء كل مصيبة وأصبحوا شماعة الكوارث فسوف نستيقظ يومياً على كارثة جديدة ونعطى للإخوان قوة أكبر من حجمهم، وأخطر أنواع الفساد هو سوء اختيار القيادات، فخطورته على مصر أكثر من التطرف والإرهاب وتتسبب فى انهيار إمبراطوريات، فالاتحاد السوفيتى كان أول دولة صعدت للقمر والقوى العظمى والقطب العالمى وسوء اختيار قياداته تسبب فى انهياره بالكامل، صحيح أن الرئيس السيسى ورث تركة ثقيلة مشاكلها كثيرة ومتشعبة ولكن هذه التركة تحتاج رجالاً أكفاء يحملونها، وحسن الاختيار يضمن له نصف النجاح مع رؤية عامة لكل قطاعات الدولة يكون دور الأشخاص فيها مجرد التنفيذ وضرورة بناء مؤسسات قوية من المدرسة (أصغر مؤسسة) حتى رئاسة الجمهورية (أكبر مؤسسة)، وهذا ما لم يحدث فبوصلة الاختيار ما زالت تتعمد الاتجاه إلى الأسوأ ولا توجد رؤية حقيقية للدولة حتى استراتيجية 2030 مجرد كلام مرسل. عودة إلى خطأ ماسبيرو فى إذاعة حوار الرئيس، الحل لم يكن فى إقالة رئيس قطاع الأخبار ولن يكون فى إقالة رئيسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون ولا فى عودة منصب وزير الإعلام، الحل فى المنظومة وليست فى الأشخاص، لأن أى قيادة سوف تتولى إدارة هذا المبنى بنفس مشاكله الحالية سوف تفشل لا محالة، فهناك 1000 ساعة إرسال إذاعى وتليفزيونى يومى تُبث من ماسبيرو (معظمها بلا فائدة) من يستطيع السيطرة عليها وعلى 36 ألف موظف مشاكلهم أكثر من إنتاجهم؟ الحل مع ماسبيرو هو تخفيض ساعات الإرسال وإلغاء قنوات وشبكات إذاعية وجلوس أكثر من 25 ألف موظف فى منزله مع تقاضيه كل مستحقاته وهذه قرارات دولة أكبر من سلطة رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، تخفيض العمالة وساعات الإرسال والاهتمام بالكيف على حساب الكم يضمن تطوير العمل وتحديد المسئولية والنجاح.. هذا هو الحل، أما غير ذلك فهو ضحك على الذقون واستمرار لمسلسل الفشل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف