الأهرام
عبد الفتاح البطة
أخلاق الناقصين
(اقدعوا) امنعوا وكفوا( هذه الأنفس فإنها طُلَعَة ) تتطلع (تنزع بكم إلى شر غاية، إن الحق ثقيل مرىء، وإن الباطل خفيف وبىء، وترك الخطيئة أيسر من معالجة التوبة، ورب نظرة زرعت شهوة، ولذة ساعة أورثت حزنا طويلا ).
تحليل لا يعتمد فقط على نتاج العقل ، بل أساسا على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فجاء تقييما وافيا وشاملا لحقيقة النفس البشرية من الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وهو عَلَمٌ فى الأمة على كيفية قهر النفس واذلالها لخالقها كى لا تكون من عبيد الشيطان أو الهوى أو الدنيا أو النساء أو المناصب والجاه والشهرة .

فلكى يكسب الانسان آخرته عليه أن يضبط نَفسَه مع كل نَفَسٍ يخرج على ميزان قال الله عز وجل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وليس على الميزان الابليسى الشيطانى) : ( أنا أرى – أعتقد – أظن – أميل إلى – أشتهى – أتمنى – أهوى – الناس تقول – الناس تفعل ) .
وشتان بين الميزانين – لمن كان عنده قلب حى - فى الدقة والضبط ، وفى المآل ، فالأول عاقبته جنة عرضها السموات والأرض ، يتمنى فيها المرء الشىء فيهطل عليه كالمطر ، والثانى عاقبته نار لو كان عذابها حرمان الماء فقط لكفت ، فما بالنا بعذاب كل أمنية أهله ألا يُرفع عنهم نهائيا ، بل يُخفف فقط ، ولو ليوم واحد .

والنفس بطبعها تميل إلى التفلت والعلو والتسلط ( بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) القيامة - (5) وتحب فعل ما هو خفيف – مهما كانت تفاهته - وتنظر إلى ما هو عاجل ولو كانت نهايته مدمرة ، وتتشكك فما هو آجل ولو كانت نهايته سعيدة ( كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ) (القيامة – 20)

والحق ثقيل على النفس والباطل خفيف ، ولو كان الأمر عكس ذلك لما تعرض كل الأنبياء والرسل وعلى رأسهم الخمسة أولو العزم وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم لما تعرضوا له . ويكفى تدليلا أن نأتي فى إستاد رياضي بالشيخ محمود خليل الحصرى ليقرأ القرآن الكريم ، وفى إستاد مجاور براقصة أو مغنية أو ممثلة أو لاعب كرة ، ونرى كم من الناس سيحضر هنا ولكم من الوقت ، وكم سيحضر هناك ولكم من الوقت !!!ولما كانت النفس على هذه الصفة كان من الأسهل أن أمنعها بداية من الذنب بصيانة الأذن عن سماع الحرام ( الأغاني والموسيقى والكذب والباطل ) وصيانة العين عن الحرام ( النظر للنساء ورؤية المسلسلات والأفلام والمواقع الإباحية ) وصيانة الفرج عن الزنا وصيانة البطن عن أكل الحرام ( الرشوة – الربا – السرقة – الابتزاز – التحايل ) وصيانة القلب عن حب المعاصى وحب الفاحشة والشهوات والباطل والكفر وأهله .

فالتوبة طريقها طويل وقد لا أصل إلى نهايته ، أما ترك الخطيئة من بدايتها فأسهل ومضمون ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الاسراء - 32 ) .ولا يتماشى مع من يريد الآخرة أن يستهين بالنظر للمحرمات ، فالنظر قد يُحرك الشهوة فتتمنى النفس فيتشرب القلب ، وهو كقطعة الإسفنج إن تشربت شيئا لا تتركه إلا بالعصر ، فهل يتحمل القلب العصر وهل يتحمل غضب الخالق سبحانه وتعالى ؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف