حمدى الكنيسى
«أكتوبر» ..... غاضباً من مصر والأمة العربية
كعادته يطل علينا شهر »أكتوبر» حاملاً في ثناياه العديد من الأسئلة والمناشدات، وله الحق - كل الحق في أن يقذفنا - هذه المرة - بأشد وأعنف التساؤلات، فمثلما احتضنت أيامه - منذ اليوم السادس- حربنا الأكتوبرية المجيدة لترتبط به ويرتبط هو بها، صار من حقه أن يعاتب ويلوم ويستنكر مستثمراً مكانته الخاصة بين شهور السنة، مخاطباً - بكل ما تراكم عنده من غضب - »مصر»: قيادةً وشعباً، والأمة العربية : قادةً وزعماءً وشعباً قلقاً.
(( أولاً: العتاب المستحق لمصر ))
يقذفنا » أكتوبر » بتساؤله: هل مازلتم عند موقفكم التقليدي » الروتيني » من الحرب المجيدة التي غيرت مسار التاريخ وسجلت ما حققه الجيش المصري تخطيطاً وتنفيذاً وشجاعةً مذهلة ؟ هل مازلتم ترون أن حربكم العظيمة يكفيها أن تنحصر أحداثها وبطولاتها في الحديث »الموسمي» عنها مرةً كل عام من خلال برنامج إذاعي أو تليفزيوني أومقال صحفي، ثم تدخل طي النسيان حتي إن الأجيال الجديدة لا تعرف عنها شيئاً حتي الآن.... بل يخلط الشباب بينها وبين »الكوبري» إياه أو »المدينة» التي تحمل نفس الاسم الأكتوبري دون أن تهتم إدارتها بتوضيح وإبراز سبب اسمها من خلال جداريات ولافتات وندوات؟!
ويقول أكتوبر: ألم يطالب بعض الذين عايشوا الحرب كمراسلين ومقاتلين بأن يكون الاحتفاء بها » علي مدار العام »، فتقام التماثيل للأبطال الذين تحدوا المستحيل وصنعوا المعجزات وضربوا المثل في الشجاعة والاستعداد للتضحية بالروح،... وطبعاً مع كل تمثال لهذا البطل أو ذاك ملخص لقصته وما فعله في العدو !!
ألم يطالب البعض المدركون لقيمة وعظمة هذه الحرب بأن تسجل وقائعها في جداريات يبدعها فنانون كبار علي أسوار وجدران العاصمة وبقية المدن؟!
ألم يطالب البعض بإنتاج أفلام ومسلسلات عديدة تجسد معني التخطيط والتنفيذ ورائع البطولات؟
ألم يطالب البعض - يا حضرات بأن تصبح » حرب أكتوبر» من مناهج الدراسة في جميع مراحل التعليم علي أن تخضع امتحاناتها للتقييم بالنجاح أو بالرسوب ؟!
ويقول أكتوبر: ما أعلمه أن من هؤلاء المطالبين بإعطاء الحرب المجيدة حقها، كما تفعل الدول التي لم تحرز مثل هذه النتائج التاريخية لحربكم، من وجه خطاباً مباشراً إلي الرئيس عبد الفتاح السيسي يدعوه إلي تشكيل لجنة من وزارة الدفاع، ووزارة الثقافة، ووزارة التعليم، واتحاد الإذاعة والتليفزيون لوضع خطة شاملة تليق بهذه الحرب العظيمة بنتائجها التاريخية فتظل حية شامخة مفجرة للطاقة الإيجابية للشعب.
ويقول أكتوبر: أرجوكم سارعوا بذلك، ليس من باب الفخر والمباهاة وإنما أيضًا لغرس وترسيخ مشاعر» الانتماء » لدي الشباب فلا يكونون عرضة وفريسة لمخططات التشويه والإرباك وإجهاض مسيرة الانطلاق علي طريق البناء والتقدم التي أطلقها الشعب العظيم، واحتضانها ودعمها الجيش بروح أكتوبر هذه » الروح» التي تحدثتم عنها كثيراً بعد الحرب، ولم تعملوا بها إلا في يناير ويونيو مع أنكم لو تمسكتم بها وما تحمله من طاقات هائلة.... ستقفزون إلي مصاف الدول الكبري.
(( ثانــيا: العتاب المستحق للقادة العرب ))
مثلما وجه » أكتوبر » العتاب لمصر بسبب تقصيرها في تخليد وتمجيد حرب أكتوبر التي أذهلت العالم بقدرة جيشها علي تحدي المستحيل - يتجه »أكتوبر» إلي القادة والزعماء العرب - غاضباً ومعاتبا وقائلا لهم: هل تتذكرون يا سادة كيف جعلتم العالم يهرول نحوكم مندهشاً ومأخوذاً مما تجلي من إمكانيات أمتكم العربية عندما وحدت الموقف والصف فساندت الجبهة المصرية والجبهة السورية ثم اتخذت القرار التاريخي بوقف ضخ البترول ردعاً للأعداء حتي يتوقفوا عن إمداد إسرائيل بالمزيد من الأسلحة وهي علي وشك الانهيار؟؟
هل تذكرتم يا قادة وزعماء العرب تلك المواقف الرائعة التي أعادت لأمتكم مكانها ومكانتها. ثم هل ترون الآن كيف تدفع الأمة ذاتها الثمن الباهظ الفادح نتيجة لغياب وحدة الصف والموقف... فتتمزق دول وتترنح دول تحت ضربات ومخططات أعدائكم؟!
هل يمكن أن تستحضروا روح أكتوبر المصرية العربية وتسارعوا إلي إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بلادكم قبل أن يبكي الجميع علي اللبن المسكوب يوم لا يجدي البكاء... ولا ينفع الدعاء؟؟