الجمهورية
بهجت الوكيل
الصناديق الخاصة وجيوب الغلابة
تمر الأيام وتزداد الأعباء علي المواطنين وخاصة شريحة محدودي الدخل بسبب تشريع بعض القوانين غير المدروسة من مجلس النواب كقانون "القيمة المضافة" الذي بدأ تطبيقه قبل ثلاثة أيام علي آلاف السلع باستثناء 75 مجموعة سلعية وذلك بهدف سد عجز الموازنة الذي يبلغ 12% من الناتج المحلي الإجمالي في حين أن هناك المليارات بالصناديق الخاصة غير المدرجة في الموازنة العامة وبعضها غير مراقب من قبل بعض الجهات الرقابية.
الصناديق الخاصة تم إنشاؤها بموجب القانون رقم 53 لسنة 1973 حيث يسمح لرئيس الدولة بإتاحة الإمكانية للوزارات والمحافظات وبعض الهيئات بإنشاء تلك الصناديق التي يتم من خلالها تحصيل بعض الرسوم والموارد من الأشخاص المتعامل معهم للإنفاق منها في حالة الضرورة بمعرفة الوزير أو المحافظ أو رئيس الهيئة المختص بعيداً عن رقابة الدولة وبذلك أصبحت تلك الصناديق "مغارة علي بابا" و"الباب الخلفي للفساد في مصر" حيث يتم الإنفاق منها علي الموظفين بأشكال مختلفة مثل "مكافآت وحوافز وبدلات" بخلاف تجديد وتأسيس المكاتب وشراء بعض الهدايا العينية التي يقدمها المختصون بهذه الصناديق لكبار رجال الدولة وبعض المسئولين.
الصناديق الخاصة في مصر يبلغ عددها 6361 صندوقا وتصل إجمالي المبالغ بها إلي 100 مليار جنيه إن لم يكن تريليونا طبقاً لبعض تصريحات السادة المسئولين وهذه المبالغ تكفي لسداد ديون مصر الخارجية مش عجز الموازنة فقط التي يستخدمها البعض "شماعة" لفرض الجباية ونهش جيوب الغلابة من المصريين بزيادة الأسعار وفرض الضرائب عليهم من حين لآخر.
الصناديق الخاصة في مصر كانت ومازالت بمثابة باب خلفي للفساد والتحايل علي القوانين ففي بداية التسعينيات تم تأسيس صندوق خاص لدفع مرتبات كبار المصرفين في البنوك المصرية بحجة أن القانون يحدد الحد الأقصي لراتب رئيس مجلس الإدارة بمبلغ لا يتجاوز 2000 جنيه شهرياً وهذا الصندوق يتم تمويله من أموال المعونة الخارجية ووفقاً لنظام تأسيسه فهو لا يخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وقد قامت كل الوزارات المصرية بالتعاون مع وزارة التعاون الدولي وقتها بتأسيس صناديق خاصة مستغلة ما تقوم الوزارة بتحصيله من رسوم نتيجة الخدمات التي تقوم بها وحصتها من أموال المعونات الخارجية كموارد رئيسية لهذه الصناديق للإنفاق منها كما يشاءون.
من هذه الصناديق أيضاً صناديق "النظافة. الخدمات. هيئة تنشيط السياحة. استصلاح الأراضي. المحاجر. النذور بالمساجد. التنمية الثقافية. معونة الشتاء. تمويل المساكن. الأحوال المدنية. الغرامات والمخالفات" كل ذلك صناديق يتم الإنفاق منها دون آليات وضوابط لعملية الصرف حيث لا تخضع لرقابة الأجهزة المعنية بذلك هذا بخلاف عدم تطبيق مبدأ شمولية الموازنة العامة للدولة الذي يهدف لإدماج إيرادات تلك الصناديق ضمن إيرادات الموازنة العامة ويتم الإنفاق من خلال الموازنة العامة ومن ثم يتم الرقابة والمتابعة ويكون هناك شفافية في التعامل وكذلك إفصاح لكافة موارد الدولة.
ومن هنا لابد من ضم هذه الصناديق للموازنة العامة حتي يتم الاستفادة منها في سد عجز الموازنة وتخفيف الأعباء علي المواطنين وهذا لن يحدث إلا بإصدار قانون من مجلس النواب يوضح البنود التي يتم منها الانفاق من أموال هذه الصناديق الخاصة وتحديد الإيرادات الخاصة لكل صندوق بخلاف تجميده أرصدة تلك الصناديق ووضع ضوابط تمنع قيام الوزير أو المحافظ أو المسئول عن الصناديق بالإنفاق منها خارج حدود ما يتم التشريع له ويتم الإفصاح عن ذلك ووقتها سيسعد الجميع بمصرنا الحبيبة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف