الجمهورية
طارق الأدور
الفشل الأوليمبي "6"
لم يستثمر المسئولون عن الرياضة في مصر في تفوق بعض الرياضيين علي المستوي العالمي في بعض اللعبات وعلي رأسها اللعبات النزالية مثل الملاكمة والتايكوندو والجودو والمصارعة والسلاح بجانب اللعبات التي تعتمد علي القوة العضلية مثل رفع الأثقال وبخاصة حين حققت المصارعة والملاكمة والتايكوندو بشكل خاص 5 ميداليات في دورة أثينا في اللعبات الثلاث وهي ذهبية كرم جابر في المصارعة وفضية محمد علي في الملاكمة وبرونزيات أحمد إسماعيل ومحمد الباز في الملاكمة وتامر صلاح في التايكوندو.
وحتي نعلم معني الاستثمار في الرياضة نذكر أمثلة بسيطة عن كيفية استثمار بعض الدول في رياضات تتخصص فيها بحكم مناسبة هذه اللعبات للطبيعة الوراثية والبدنية والإنثروبولوجية للدولة.
ففي الصين مثلاً هناك تفوق فطري للجنس الآسيوي الأصفر الذي يقطن منطقة جنوب شرق آسيا بشكل خاص في اللعبات التي تعتمد علي سرعة رد الفعل والدقة ومن بينها تنس الطاولة التي جاءت أيام كانت فيها الصين تحتكر الفوز بكل ميدالياتها علي المستوي الدولي في فرق الرجال والسيدات وزوجي الرجال والسيدات وفردي الرجال والسيدات والزوجي المختلط.
عندما فازت الصين بالميداليات السبع لتنس الطاولة في عدد كبير من بطولات العالم في السبعينيات والثمانينيات وعلي وجه التحديد عندما حصدتها عام 1981 كانت هناك سياسة عامة للرياضة في الدولة بالاهتمام بتنس الطاولة.
كان فكر الصينيين أن يجعلوا الطفل الصغير يري تنس الطاولة في كل مكان حوله.. في الشوارع والأزقة والميادين والأندية والمدارس وغيرها فينجذب للعبة منذ نعومة أظافره.
والحقيقة أن هذا الفكر أصبح هاماً جداً لجذب الأطفال لأي لعبة لأنهم مثلاً لا يشاهدون في مصر سوي كرة القدم.. في التليفزيون وفي الشوارع وفي كل مكان ولا يشاهدون في المقابل أي لعبة أخري وبالتالي يكبرون وليس في أذهانهم سوي كرة القدم.
وضع المسئولون عن الرياضة في الصين مناضد تنس الطاولة في كل مكان.. حتي في الجزيرة الوسطي للشوارع الكبري وعلي الأرصفة وفي الميادين وكان الطفل يشاهد الشباب يلعبون تنس الطاولة أكثر من 10 مرات إذا سار في الشارع لدقائق قليلة فتعلق بها الصينيون وازداد تفوقهم فيها وازداد الأمر إلي تجنيس بعض الدول للاعبي الصين لتمثيلها في تنس الطاولة.
المثال الثاني لكوبا في الملاكمة حين قفز ملاكمو هذه الدولة إلي القمة ليحصدوا نصف ذهب الأولمبياد علي الأقل في العديد من الدورات الأولمبية وبطولات العالم.
فعل الكوبيون ما فعله الصينيون في تنس الطاولة.. أقاموا حلبات الملاكمة في كل مكان. لم يكن هناك حاجة لحلبات باهظة الثمن.. إذ كان كافياً إقامة حلبات عبارة عن كتلة خرسانية وحولها أحبال عادية ليشاهد الطفل رياضة الملاكمة في كل مكان.
وثالث الأمثلة ما يحدث في كينيا حيث يختار مدرسو التربية البدنية العدائين من خلال طلبة المدارس الذين يحضرون إلي مدارسهم يومياً عدواً من منازلهم التي تبتعد بأكثر من 10 و20 كيلومتراً.
فالمدرس يتابع هؤلاء التلاميذ في سن الثماني أو العشر سنوات وهم يركضون في شوارع المدن والقري نحو مدارسهم ليختاروا منهم فرقاً تلعب للمدارس ومنها للمنتخبات ومن بين هؤلاء من أصبحوا لاحقاً أبطالاً للعالم.
ماذا فعلنا في مصر بعد تفوقنا في الرياضات التي حققت الإنجاز الأبرز دولياً في دورة أثينا ..2004 توقعت أن نشاهد المصارعة والملاكمة والتايكوندو في كل مكان.. أن تملأ هذه الرياضات مساحات كبيرة في البث التليفزيوني وأن تنتشر ملاعبها في كل ربوع مصر ولكن هذا لم يحدث.
لم يشاهد الطفل المصري الصغير الملاكمة والمصارعة والتايكوندو لكي ينجذب بها ويمارسها علي حساب كرة القدم التي يراها ليل نهار.
لم نشاهد استراتيجية للكشف عن المواهب في هذه اللعبات أو زيادة قاعدة ممارستها فظل الأمر كما هو.. عينات عشوائية من اللاعبين ننتظر أن نشاهد منها بعض الطفرات من وقت لآخر دون أن تظهر استراتيجية واضحة للاتحادات للبحث عن مواهب أو خطة طويلة المدي لإفراز الأبطال.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف