المساء
هالة فهمى
غد.. أفضل .. بريق الفن وهمس الحنين
عندما تزور روما رحم الفن علي مدار العصور وتشاهد مدي احترام العامة قبل الخاصة للفنون.. حتي التسول في شوارعها يجبرك علي احترام الفن فهم يتبارون في صنع أشكال فنية ومسكات تبهرك فتدفع قروشك تقديراً واحتراماً للفن.
أما في مصرنا فالفن الذي يعتبر نعمة وميراثاً غالياً نتفنن في تحويله لقبح.. رغم المحاولات الجادة من الفنانين لعرض رؤاهم الفنية التي لو قورنت بفنون كثيرة وقورن مبدعينا بمبدعيهم لتفوقنا واسمحوا لي أن انتقل بكم لتجربة جميلة تؤكد علي التزاوج والاندماج بين روعة الحرف وبهجة الألوان وذلك من خلال معرض الفنانة التشكيلية سوزان التميمي التي اقتطفت وميض الروح لدي الشعراء ولونته ببهجة روحها الثري العطاء.. هذه الفنانة التي ظلمت ضمن منظومة تجاهل النقاد وتكاسلهم لجيل بأسره تمثله سوزان التميمي.. جيل لم يحترف التزلف والتنطع علي عتبات القنوات الفضائية وأسطر صفحات الصحف بكل أشكالها.. بل مثلت الفنانة جيل عشق الفن وآمن بالمثل والقيم والجمال.. فكانت عنوانها لجيلها.. اختارت قضية ثقافية وهدفاً وطنياً لم يتمثل في الصراخ بالحرية والعدالة.. بل لونته ووشمته علي جدران هذا الوطن حلماً أبياً.
سوزان التميمي التي احترفت تقديم الفرحة وخلقها في وسطنا الثقافي.. عرفت أيضاً بمهارة عصفور يجيد الزقزقة وخفقة قلب عاشق للوطن أن تلون الأحرف في لوحات تبهر كل من يقترب منها.. فهي تقدم الجديد حين تخط فرشاتها معاني من الأبيض والأسود وهي قديرة حين تستخدم "بالتة" ألواناً جريئة دافئة حميمية تشكل بها ما يعتمل في نفسك فتتقاطر الألوان معان لو سألت المشاهد للوحاتهات لهتف ملء فيه: أنا من رسم هذا التألق الذي يقفز من مساحات دافئة اعتلت الأبيض لتحيله لعالم يموج بالبراءة والقساوة والحنين والهجر.. البقاء والترحال.. الحب والهروب.. الاستسلام والمقاومة. أحالت سوزان بفرشاتها الأنيقة المساحة الفارغة لترنيمات عاشقة ملونة قاومت بها الفنانة الموت بالحياة في عصر يموج بالفتن.. تجذب هموم المرأة العربية لتحيلها حروفاً ملونة تسافر عبر أثير الحرية لكل نساء العالم.. تخترف وجدان الأنثي وتأخذ من روحها مداداً لفرشاتها.
وفي أحدث معارضها "ترنيمات ملونة" الذي أقيم بالمركز الثقافي الروسي تحت رعاية "الكس تيفانيان" وافتتحته الفنانة القديرة سميرة عبدالعزيز والكاتب والسيناريست محفوظ عبدالرحمن والفنان الكبير محيي اسماعيل بحضور كوكبة كبيرة من الفنانين ونجوم الفن والأدب والصحافة والإعلام.. والذي انتقت فيه الفنانة أبياتاً من قصائد كبار الشعراء لتحيلها ألواناً مسافرة داخل وجدان الحضور.
ولم تكتف التميمي التي بدت قلقة من رأي الجمهور خوفاً ألا يصل عملها لعمق مشاعره فحصدت الإعجاب الشديد لتجربتها.. بل قدمت أيضاً علي هامش معرضها ضيف الشرف الفنان الصغير يوسف حازم وعرضت له مجموعة لوحات شكلتها أنامله الصغيرة.. وهكذا تعانق بريق فن سوزان التميمي مع همس حنينها وأحلامها بالموهبة الوليدة في حجرها وحجر الوطن الذي نحلم به.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف