المصرى اليوم
نيوتن
تعديل فى موعد!
ربما حسدت نفسى. ارتديت بدلة جديدة. ربطة عنق جديدة. قميصا جديدا. سبقت موعدى الذى كان محددا له الثامنة مساء بعشر دقائق. قلما حدث هذا معى. كلها عوامل أغوتنى للتخلى عن حرصى. حتى وإن كان الخطأ تسبب فيه غيرى.

فى أيام خلت كنت أستعد لمثل هذا اللقاء. كانت أهدافى ستختلف. سيكون اللقاء مع فاتنة أو مع إحدى الجميلات. هذا زمن وَلَّى.

هذه المرة كان مع أحد رؤساء البنوك العالمية. الموعد كان فى فندق الفورسيزونز على النيل. أخذت مركباً من مقدمة بيتى إلى مرسى أمام الفندق. فى طريقى لعبور الشارع. تغير نوع الموعد تماماً. بدلاً من دعوة العشاء تحولت الدعوة إلى لقاء مباغت مع سيارة، قادمة مسرعة. وكما هو الحال بين موعد فى خريف العمر وآخر فى ربيع العمر. رفعتنى السيارة من على الأرض إلى السماء. ثم تركتنى للجاذبية الأرضية لتتصرف معى وأنا أرتطم بالأسفلت. ليترك لى شرخاً فى الحوض وآخر فى الجبين.

بعدها لم أَدْرِ بنفسى إلا وأنا فى سيارة إسعاف. قبل أن يتحركوا وجدتهم يسألوننى ماذا نفعل بمن تسبب فى الحادث. قلت لهم: حادث غير مقصود. لن يفيدنى إزعاجى بشىء. فاصرفوه.

أنطلقت سيارة الإسعاف. أخذتنى على غير رغبة منى. أخذتنى عنوة إلى مستشفى السلام الدولى فى المعادى. لا أعلم مَن أبلغهم بوصولى. لم يتركوا شيئاً للاجتهاد. أخذوا صوراً لكل عظامى. الرأس. الصدر. الحوض. الأرجل. اكتشفوا أن هناك شرخا فى الحوض. شرخا لا يستدعى التدخل الجراحى. اكتشفوا جرحا عميقا فى الجبين. استدعى بضع غرز. جرحا مماثلا داخل الفم قاموا بعلاجه على الفور. تجاوزوا عن كل الروتين. عن كل البرامج. حتى لا يتخلفوا عن خدمة يمكن أن يقدموها لشيخهم المصاب. استدعوا أهم الأطباء، حتى من خارج جداول عملهم.

فى اليوم الثانى من احتجازى بالمستشفى. أحاول أن أكتب عن هذه التجربة. الكاتب اليومى يجب ألا تفوته مناسبة. الكتابة اليومية لا تأتى سهلة. وأنا على هذا الحال. تذكرت أغنية رومانسية شهيرة. للمغنى بيلى أوشن Billy Ocean

Suddenly it was you and me

Suddenly it was Ecstasy

كانت صيحة عام 1982. تذكرت مطلعها. حتى إننى أخذت أدندن بها أمام زوارى فى المستشفى. أثرت دهشتهم وأنا على هذا الحال. تقول مقدمة الأغنية: فجأة كان لقاء بينى وبينك.. فجأة كانت النشوة كلها.

نعم كانت النشوة. لكنها كانت نشوة لقاء غير مطلوب بالمرة. لقاء جاء فى غير موعده. وأنا اليوم فى مثل هذه السن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف