التحرير
فريدة الشوباشى
غلطة الشاطر بألف
عندما تغير مسارى المهنى من المحاماة إلى الإعلام، لم أكن أتصور أننى سأحب مهنتى الجديدة إلى أبعد حد ممكن، خصوصا أنها أتاحت لى وأنا فى الغربة، الاطلاع على معظم ما يتعلق بوطنى مصر، على الصعيدين المحلى والدولى.

وقد ازداد شعورى بوطأة الكلمة وكيف يمكن أن تقلب الأمور أحيانا أو تتسبب فى بروز مشكلات لا تكون قابلة للحل فى مدى منظور.. أقول كلامى هذا وقد تعرضت لمزاعم كثيرة عن نشأتى وأصلى وفصلى ومعتقداتى، وكنت لا أعير ذلك اهتماما كبيرا عملا بالمثل القائل، لا يصح إلا الصحيح، لذا أشرت فى أكثر من لقاء إلى ما التبس على الآخرين بشأنى، بإلقاء الضوء على الحقب المختلفة من مسيرتى، معتقدة أننى أزلت أى ضبابية تتعلق بشخصى الضعيف، ومنها مثلا أن «الشوباشى» ليس اسمى، بل هو لقب زوجى الكاتب الراحل على الشوباشى، السكندرى الأصل، بينما أنتمى إلى الصعيد وتحديدا محافظة أسيوط.

وقد أدهشنى أن بعض وسائل الإعلام تناول موضوع تصريحات الكاتب الصحفى، شريف الشوباشى، ومداخلة تليفزيونية لى، واصفة إياى بأننى شقيقته، بينما هو شقيق زوجى، وإذا صدق البعض كلام وسيلة الإعلام التى أوردت الحوار، وحاولت الظهور بمظهر العالمة ببواطن الأمور، فمعنى ذلك أننى تزوجت شقيقى، والعياذ بالله.

لكن الأفدح فى نظرى والذى كانت له تداعيات محزنة ومرعبة، هو ما جاء فى صحيفة يومية، منسوبا إلى شريف الشوباشى، على أنه قال إن ٩٩٪ من المحجبات عاهرات!.. كنت على ثقة تامة بأن شريف لا يمكن أن يقول مثل هذه العبارة، ولكن الحملة ضده كانت قد استعرت، ووصل الأمر إلى المطالبة بتكفيره.. وقد اكتشفت الصحيفة خطأها الفادح فصححت الخبر موضحة أنه قال إن ٩٩٪ من العاهرات محجبات! ولكن «قنبلتها» كانت قد فعلت فعلها، لأن غلطة الشاطر.

وأيا كان الرأى بصدد هذا الكلام، فإنه شتان بين العبارتين، التى كانت إحداهما قاتلة.. ولو كنت من القائمين على الصحيفة ما تركت منبرا إلا واعتذرت عبره عن هذا الخطأ، لا سيما وسائل الإعلام التى نقلت عنها التصريح المشوه الذى أساء إلى الرجل إساءة بالغة.. من جهة ثانية، ادعت بعض وسائل الإعلام أن شريف دعا إلى مليونية من النساء للنزول فى ميدان التحرير وخلع الحجاب، والحقيقة أنه دعا إلى وجود أربع أو خمس نساء، من غير المقتنعات بارتداء الحجاب إلى خلعه فى تظاهرة رمزية! وفرق واضح بين القولين، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع رأيه.

قامت الدنيا وانهالت الاتهامات على الرجل، تارة بإثارة الفتنة وتارة بالإرهاب؟! وكأنه دولة كبرى بجيش يسد عين الشمس، قرر غزو مصر وإرغام المحجبات فيها على نزع حجابهن.. واللافت إلى النظر، أن كل من أكدوا أن الحجاب حرية شخصية، ثم تطور الأمر إلى كونه فريضة، بدا وكأنهم على درجة كبيرة من الهشاشة، معتبرين المرأة المقتنعة بارتداء غطاء الرأس (حيث إن للحجاب معنى آخر) ستنهار تماما إذا تطرق إلى أذنيها صوت يرى غير ما تراه.. تمنيت أن يبدى كل من تحمس للهجوم على رأى مختلف معه، وجهة نظره فى تصرفات من يخلعون على أنفسهم صفة الإسلام، وباسمه يقتلون ويذبحون ويروعون ويخربون الدول العربية، حتى وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم.. إن أمانة الكلمة مسؤولية.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف