الأهرام
مرسى عطا الله
أكتوبر.. وحروب الجيل الرابع (1)
سألنى كثير من رفاق الدرب وجنرالات النصر الذين أكرمنى الله بالتعرف عليهم ومعايشتهم خلال أصعب مرحلة عاشتها مصر ما بين 11 يونيو 1967 والسادس من أكتوبر عام 1973
عما إذا كنت أملك جديدا أكتبه هذا العام - كما جرت العادة - فى الذكرى السنوية لحرب أكتوبر وكان ردى بالإيجاب لأن مصر لم تكن يوما بحاجة إلى تنشيط ذاكراتها وتحطيم كل معاول الهدم والتيئيس التى تحيط بها بمثل ما تحتاجه اليوم.

قلت لرفاق الدرب وجنرالات النصر أطال الله فى أعمارهم إن تجديد الحديث عن حرب أكتوبر والظروف التى أحاطت بها هو أحد أهم أسلحتنا فى التصدى لحروب الجيلين الرابع والخامس والتى تستهدف تخريب عقول ونفوس أجيال جديدة من شباب هذه الأمة ممن لم يعاصروا مجد وفخار ورفعة وعزة الأمة بعد معجزة انتصار عام 1973.

لقد مرت 43 عاما ومازالت نبرات صوت موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى تدق مسامعى وهو يتحدث بصوت ممجوج ونبرة متهدجة تعكس عمق ومرارة الألم والفشل بعد مضى 3 أيام فقط من بدء الحرب وهو يخاطب الصحفيين: إن الحرب قد أظهرت لنا أننا لسنا أقوى من المصريين كما كنا نعتقد وأن هالة التفوق المطلق على العرب مجرد أكذوبة صنعناها وصدقناها.. لقد ثبت أننا كنا مخطئين فى اعتقادنا باستحالة تمكن المصريين من عبور قناة السويس...إلخ.

اليوم بعد 43 عاما مازالت عيناى تحس بأنها تستعيد قراءة شهادة ناحوم جولد مان رئيس الوكالة اليهودية وهو يواجه قادة وشعب الدولة العبرية بالحقيقة قائلا: إن حرب أكتوبر وضعت حدا لأسطورة إسرائيل التى لا تهزم وكلفت اقتصادها ثمنا باهظا مثلما هزت ثقة الشعب اليهودى فى دولته وشقت وحدة الصف فى الجبهة الداخلية وأعادت إحياء الشكوك فى مستقبل إسرائيل.

كأننى اليوم بعد 43 عاما أستعيد قراءة أوراق الندوة العسكرية التى نظمتها إسرائيل عام 1974 بمناسبة مرور عام على هزيمتها وما أورده البروفيسور شمعون شامير من دروس وملاحظات أهمها نجاح مصر فى دفع أمريكا لتغيير استراتيجيتها فى المنطقة على ضوء الحقائق الجديدة التى فرضتها نتائج أكتوبر حيث فوجيء العالم بقدرة التنسيق العسكرى وتوحيد توقيت الضربة الأولى على الجبهتين المصرية والسورية مع استخدام سلاح البترول بأسلوب أكثر ذكاء وبراعة.

وبعد غد «السبت» نطالع صفحات جديدة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف