صباح الخير
مها عمران
د. هانى الحفناوى: «مجلس أعلى استراتيجى» هو الحل!
الأسبوع الماضى كان حوارنا مع د. هانى الحفناوى الخبير الإدارى الدولى الذى طالب بتطبيق منظومة إدارية مطبقة فى معظم دول العالم ونعزف عن تطبيقها فى مصر رغم ما يمكن أن تحققه هذه المنظومة «بطاقات الأداء المتوازنة» فى إصلاح مشاكل إدارية مزمنة فى مصر، وأكد أننا للأسف نجيد استخدام المصطلحات وتستيف الأوراق دون أن نطبق القواعد العلمية وشبه المصريين بمن يركب قاربا وكل فرد فيه يجدف فى اتجاه مخالف للآخر، والنتيجة أننا نقف محلك سر، بينما لو كان هذا المجهود فى اتجاه محدد ووفقا لرؤية واضحة يمكن أن نتحرك بسرعة الصاروخ.

• مهندس وخبير إداري
• د. هانى محمود الحفناوى مهندس لم ترض طموحه الهندسة فعدل مساره وتحول إلى الإدارة، أم رجل يجيد إدارة الأعمال وضل طريقه للهندسة فى بداية مشواره؟
- يبتسم د. هانى ويشرد ببصره كأنه يرى شريط حياته ماثلا أمامه ويقول: أنا خريج هندسة جامعة القاهرة عام 1974، أديت الخدمة العسكرية كضابط احتياطى وسافرت عام 1977 إلى قطر، حيث عملت مع مجموعة شركات متضامنة تعتبر من أكبر الشركات العاملة فى مجال النفط، وبدأت معهم من مساعد مهندس حتى وصلت لمدير حقول البترول كلها، وعملت معهم لمدة 17 سنة «1977- 1994»، وخلال هذه الفترة درست دراسات عليا فى بريطانيا وأصبحت مهندسا قانونيا «Chartered Engineer»، بالإضافة إلى أننى عضو عامل فى معهد الكهرباء البريطانى LEE، ومن كبار أعضاء Senior Member، معهد الكهرباء والإلكترونيات الأمريكى LEEE، إذن من الناحية الفنية وصلت لمستوى متميز جدا، لكننى من الناحية الإدارية وجدت أن هناك فجوة كبيرة جدا فاتجهت لدراسة علم الإدارة 1986، وقررت أعمل ماجستير فى أمريكا فى إدارة الأعمال سنة 1989.
وبعدها حصلت على الدكتوراه فى إدارة التحفير والإنتاجية من جامعة سترلينج باسكتلندا بالمملكة المتحدة عام 1998، بالإضافة إلى أننى نلت درجة «محترف معتمد» فى أساليب الإنتاج من بريطانيا عام 2009.
ونحن فى مصر قد ننظر لهذه الخطوات على أنها اتجاه جديد، لكن هذا عكس العالم الذى يرى أن الشخص لابد أن يبدأ فنيا فى مجاله ثم يتجه للإدار ة، ولابد أن يدرس دراسات عليا «ماجستير ودكتوراه» فيجمع بين الجانبين وذلك لأن النواحى الفنية تشغل نصف المخ الشمال والنواحى الإدارية تشغل نصف المخ اليمين، وحتى يعمل المخ كاملا لابد من الجمع بين المجالين.
ولقد عدت لمصر لمدة 10 سنوات، وكان مجال عملى هو إدارة أصول المؤسسات، وعملت كمدير عام لشركة وعملت لهم «سوفت وير» مصريًا طبق فى 64 شركة فى مصر وخارجها وبعناه لكل من السعودية والكويت وسوريا وليبيا وإسبانيا، وكان قائما على سبل زيادة الإنتاجية وإدارة المخزون، وبعدها عملت كرئيس مجلس إدارة للشركة العالمية للأنظمة الإنتاجية وعملنا عدة نجاحات مع شركات عالمية بمصر، وبعدها قابلت وزير الصناعة د. على الصعيدى وتكلمنا عن أننا نعمل شركة إدارة وأتولى أنا مسئوليتها خاصة أن لى تجارب ناجحة فى هذا المجال، حيث إننى كنت قد طبقت أفكارى مع إحدى الشركات «مجموعة عز للتسليح» وضاعفنا بها الإنتاج لأكثر من 100%، بالإضافة إلى أننا خفضنا المخزون بها من 90 يوما لـ 10 أيام فقط، وهذا كان يوفر لهم 4 ملايين جنيه، وكان هذا نموذجا واحدا فما بالك لو تحقق هذا فى 35- 40 ألف شركة فى مصر! وكانت الدعوة لإنشاء شركة الإدارة هذه لنشر الفكرة وتوسيع مجال التطبيق، وبالفعل نشر فى الصفحة الأولى بالأهرام خبر عن إنشاء أول شركة إدارة، ثم لسبب أو لآخر لم يتم المشروع بعدها سافرت للإمارات وطبقت هذه النظريات فى أبوظبى مع أكبر مجموعة شركات هناك.
أما عن مصر ففى السنوات العشر التى عملت بها هنا قبل السفر للإمارات فكنت قد عملت 64 تجربة فى شركات حققت نجاحات مذهلة، لكن وقتها قال لى أحد المسئولين: أنت رغم كل هذا النجاح لسه ما وصلتش لنصف فى المائة من مجموع الشركات والمصانع العاملة فى مصر.
• التغيير ليس سهلا!
• بعد عودتك لمصر فى أعقاب الثورة حاولت التواصل الشعبى والاجتماعى من خلال صفحاتك على الفيس بوك ومن خلال اللقاءات المباشرة التى تعقدها فى العديد من الأحزاب والأندية، كما أنك مؤخرا عقدت لقاء مع أعضاء مجلس النواب، فهل هذا التواصل الشعبى واللقاءات مع النخب السياسية والثقافية هو تعويض للإحباط الذى تجده على المستوى الرسمي؟ أم هو إدارة جديدة وفكر مختلف للتعامل مع الموقف الراهن وتكوين ظهير شعبى داعم ومساند لأفكارك؟
- بحماس يجيبنى د. هانى قائلا: أنا عندى صفحتان على الفيس بوك، صفحة «نشر الإدارة الاستراتيجية فى مصر» وعليها 60 ألف متابع، وكذلك الصفحة الشخصية التى عليها تقريبا 13 ألفا، وبالفعل كنت قد عقدت لقاء لأعضاء مجلس النواب ورغم أن العدد لم يكن كبيرا، فإن الحضور اقتنعوا بالنظريات الإدارية التى أدعو لتطبيقها وتساءلوا لماذا لا يطبق هذا الفكر فعلا وكنت قد تناولت 3 نقاط أساسية:
• منظومة بطاقات الأداء المتوازنة ودورها فى حل مشاكل مصر من الناحية الإدارية.
• القضاء على الفساد بطرق عملية جدا بدلا من المنظومة العشوائية الحالية.
• كذلك المكتسبات السريعة التى يمكن أن توفر لنا 300 مليار دولار سنويا.
والتغيير مش سهل كما يظن البعض، بل يحتاج لمراحل لكن المنظومة نفسها سهلة ولابد أن نهيئ الرأى العام لتقبلها والحماس لها.
• فى انتظار ما لا يجيء
• ما دمت ترى فى هذه المنظومة الإدارية التى تدعو لتطبيقها بشكل شامل الحل السحرى للعديد من المشاكل المصرية المزمنة فلماذا تعتقد أنها لم تحظ بالاستجابة المرجوة على المستوى الرسمي؟ وهل العيب فى النظرية؟ أم العيب فى النظام؟ أم فى قدرتك على التواصل مع المسئولين؟
- لقد حاولت التواصل أكثر من مرة مع الجهات المتخصصة، فلقد أقمت لقاء مع الجهاز الاستشارى للتنمية الصناعية التابع للرئاسة، وقد قدروا هذا الفكر جيدا وأشادوا به، ونحن فى طريق عودتنا اتصل بى مسئول من الرئاسة وأبدى حماسه لأفكارنا، وأكد أهمية إجراء مثل هذا اللقاء، ولكن مع 4 قيادات من كل وزارة يعنى 4 قيادات * 34 وزارة، بمعنى أن 146 قيادة من جميع الوزارات، بالإضافة لمسئولين من الرئاسة فقلت له إننى على استعداد تام فقال لي: انتظر منى تليفونا قريبا لتحديد موعد.. ولم يتم شيء بعد ذلك!
كذلك أرسلت خطابا للسيد الرئيس أوضح فيه فكرتى وجاءت تأشيرة عليه بضرورة لقائى بـ 12 وزيرا، وتم تحويل هذه التأشيرة لمجلس الوزراء لاتخاذ اللازم.. لكن للأسف المهندس إبراهيم محلب لم يتحمس للموضوع وانتهى الأمر بلقاء اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية السابق وعمل لقاء مع بعض القيادات التابعة لوزارته، ثم التقيت مستشارين لوزيرين آخرين.. وانتهى الأمر عند هذا الحد.
ومؤخرا أرسلت للسيد الرئيس رسالة جديدة.. وهاأنا الآن فى الانتظار لأن الأمر الآن لن يتحرك إلا بتعليمات من أعلى قيادة فى الدولة لأن الإصلاح لابد أن يكون شاملا ومتكاملا، ولن يتخذ أحد هذا القرار إلا الرئيس.. وأنا أحاول أن أكسب أرضية جديدة على أرض الواقع بنشر هذا الفكر والدعوة له فأصعب شيء هو «تغيير الدماغ» وأنا لا أعرف اليأس.
ولضمان نجاح أى منظومة لابد أن تكون هناك عدة قناعات لدى من يطبقها ويتأكد أنه سيستفيد منها، وبالتالى لا تجدين معارضة لها وأنا قد أعددت ورقة عمل متكاملة، وعندى ثروة من المعلومات من خبراء على مستوى العالم وتجارب دولية متحققة بالفعل، لكن للأسف هناك أصحاب مصالح من مصلحتهم أن تظل المسائل مفككة.
يصمت د. هانى الحفناوى لحظات يلتقط فيها أنفاسه، ثم يضيف قائلا: هناك دول أفريقية كانت ظروفهم أصعب منا وعندما طبقوا نظم بطاقات الأداء المتوازنة الذى أدعو لتطبيقها فى مصر تبدلت الأحوال تماما.. فمثلا دولة «بتسوانا» كانوا بياكلوا أعقاب السجائر مش بس بيشربوها نتيجة الفقر المدقع، وبعد تطبيقهم للمنظومة وصلوا بعد 3 سنوات أن دخل الفرد أصبح 17.700 دولار، بينما نحن متوسط دخل الفرد لا يتجاوز 3.300 دولار يعنى أصبحوا أغنى منا 6 مرات.
وفى إثيوبيا طبقوا هذه المنظومة فى مجال الصحة فنجحت نجاحا رهيبا فطبقوها فى كل الوزارات وأصبح معدل النمو ضعفنا.
وكذلك فى «تنزانيا - نيجيريا - كينيا»، بالإضافة إلى السعودية الذين لديهم فعلا خطة استراتيجية 2030 رائعة.. وكذلك الإمارات، والآن فى الإمارات أنت تستطيع أن ترفع قضية وأنت فى البيت!
وليس هذا فحسب، بل إنهم يحددون لك الجلسة ويرشحون لك المحامين المتخصصين وأتعابهم، ورسوم القضية التى تدفعها بالفيزا ويحددون لك موعد الجلسات ويبلغونك بالحكم، وعند التنفيذ بفرض مثلا أنه حكم لك بتعويض مليون درهم أنت لا تحتاج للجرى وراءه لتنفيذ الحكم لأن وزارة العدل سترسل لك شيكا بمبلغ التعويض بمجرد الحكم لك ويصلك الشيك وأنت فى بيتك خلال 3 شهور فقط!
• الاقتصاد الأسود
• أشرت فى الجزء الأول من الحوار إلى ضرورة منع الفساد من المنبع عن طريق دمج الاقتصاد غير الرسمى مع الاقتصاد الرسمى واعتبرت أن هذه خطوة ضرورية لتجفيف منابع الفساد.. فماذا كنت تقصد بهذه الخطوة.. وما السبيل لتحقيقها؟
- بحماس يقول د. هانى الحفناوي: منظمة الشفافية فى تقريرها الأخير عن الفساد أوضحت أن مصر تراجعت من رقم 88 وأصبحنا السنة دى رقم 36، وهذا معناه أن 36% من العمليات داخل البلد نظيفة، و64 عملية فيها فساد.. معنى هذا أن الفساد يمثل 2/3 وغير الفساد يمثل 1/3.. وطبعا ده رقم رهيب.
معنى هذا أن عددنا حاليا «90 مليونا» بالإضافة لـ 9 ملايين خارج البلاد يعنى تقريبا عدد سكان مصر حوالى 100 مليون، معنى كده أن هناك 64 مليون فاسد! وإذا اعتبرنا أن رءوس الفساد هم مليون واحد وهم دول اللى عايزين نقبض عليهم! وكما ذكر الرئيس أننا قبضنا السنة الماضية على 360 فاسدا.. فلو مشينا بالمنظومة الحالية وقبضنا على 365 فاسدا فى السنة، وقسمنا المليون على 365 يعنى نحتاج إلى 2740 سنة لنقبض على المليون فاسد!
هذا بشرط أن مفيش فاسد جديد يدخل لمنظومة الفساد، إذن هذا الحل غير مجدٍ على الإطلاق.. ويصبح السؤال الأهم: كيف نمنع كل هذا الفساد؟.. والحل تتبعه معظم دول العالم وذلك بربط الرقم القومى بحسابات البنوك بالملكية العقارية وكذلك بطاقات الائتمان وجميع الكروت الشخصية مع إعطاء رجال مصلحة الضرائب والرقابة على الأموال حق الاطلاع على هذه المعلومات كأنها كتاب مفتوح، وبذلك أى فساد ممكن يحصل يتم رصده على الفور وفى كل المجالات.. ومع جميع الأشخاص.
وهكذا بدلا من أن أنتظر الحرامى حتى يسرق فأقبض عليه.. سأمنع الفساد من المنبع.. والأهم أننى لو عملت هذا الإجراء المهم سنتمكن من إنقاذ سمعة مصر والمشهور عنها للأسف فى العالم أنها من أكثر دول العالم فى غسيل الأموال لأن مصر من البلاد القليلة جدا فى العالم التى تسمح لمواطنيها أن يحملوا فى شنط أموالا كاش تقدر بالملايين.. فمعظم دول العالم تضع حدا أقصى للكاش الذى من الممكن للفرد أن يتعامل به مباشرة، فمثلا فى إنجلترا أقصى مبلغ 10 آلاف جنيه استرلينى.. وأمريكا 10 آلاف دولار.
ويعتبرون اللى معاه كاش أكتر من كده هو واحد من ثلاثة أو عضوا مشتركا فى عمليات «دعارة أو سلاح أو مخدرات».
وحتى أستطيع أن أمنع عمليات غسيل الأموال هذه وأدخل أموال الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى عليّ أن أمنع مثلا تداول الكاش لأكثر من 100 ألف جنيه، يعنى مثلا واحد عايز يشترى شقة أو عقارات.. أراضى.. منتجات مصانع.. محاصيل زراعية لا يدفع هذه الأموال كاش ولكن يدفعها عن طريق شيك.. للأسف احنا عندنا التعامل بالشيكات فى البنوك لا يتعدى 10%، بينما النسبة العالمية تتراوح ما بين 60- 70%!
فأنا لو طبقت هذا النظام أكون حليت مشكلة تانية، غير أنى أدمج الاقتصاد غير الرسمى «الأسود» فى الرسمى، ألا وهو أن الدولة تستطيع أن تراقب كل مكاتب الأعمال الحرة.. التى تدعى للضرائب عكس ما تحققه من مكاسب، فعندما يكون الرقم القومى مرتبطا ببطاقات الائتمان والإنفاق «سيارات - تذاكر سفر - عقارات - مشتريات»، وحتى لو لم يودعها فى البنوك سيظهر من إنفاقه فى جميع المجالات.. وهنا نستطيع أيضا أن نمنع التهرب الضريبى بجانب منع الفساد ونعطى أيضا لمسئولى مصلحة الضرائب حق الضبطية القضائية واعتبار التهرب الضريبى كما فى الخارج جريمة مخلة بالشرف وتمنع صاحبها من ممارسة الحياة السياسية مدى الحياة لو ثبت عليه هذا التهرب.
• الخريطة الاستراتيجية
• من أهم الخطط الاستراتيجية التى أعددتها يا دكتور هانى تلك الخريطة الاستراتيجية التى تؤكد من خلالها أن مصر يمكن أن يكون اقتصادها عام 2021 من أكبر 30 دولة على مستوى العالم.
فما هى أهم ملامح هذه الخريطة.. وما أوجه الشبه والاختلاف بينها وبين الخريطة الاستراتيجية الحكومية؟
- يخرج د. هانى الحفناوى لوحة مصغرة مخططة ومقسمة وملونة، ويقول: هذه الخريطة الاستراتيجية التى أعددتها جمعت فيها كل مشكلات مصر بدءا من محو الأمية للبطالة لمحاربة الفقر.. لمحاربة الفساد.. للأمن.. والعدل.. وكل بند من هذه لابد أن يقاس.. ونحدد من المسئول عنه فلابد أن تكون المسئولية محددة وليست على المشاع!
ونختلف عن الخريطة الحكومية أن الخريطة الحكومية تضم 10 محاور ليست لها علاقة ببعض ولا تؤثر على بعضها البعض.. ثم عندما قررت الحكومة عمل بيانها أمام مجلس النواب فوزير الاتصالات عمل خريطة جديدة مكونة من 7 محاور ليست لها علاقة بالـ 10 محاور السابقة!
يصمت د. هانى لحظات قبل أن يستطرد قائلا: عدد الوزارات فى مصر عدد لا مثيل له.. عندنا 34 وزارة تحتها 800 هيئة! وبعدين نسأل: احنا ليه عندنا 7 ملايين موظف فى الجهاز الحكومي؟ طيب ما احنا اللى عاملين الهيكلة بهذا المنظر ومقسمين الحاجات كلها معتقدين أننا لو عندنا مشكلة نعمل لها وزارة لتتحل.. والحقيقة أننا كل ما نعمل وزارات أكثر كل ما مشاكلنا تكون أكثر وأكثر، ليه؟ لأن فيه حاجة اسمها «نطاق تحكم» والموضوع ده مش مفهوم عند كتير منا.. فنحن عندنا وزارة للكهربا.. ووزارة البترول والمفروض أنهما تكونان وزارة واحدة هى وزارة الطاقة حتى لا نرى ما يحدث الآن من خناقات واتهامات ««أنت لا تعطينى غاز كفاية».. ويرد عليه «شغل محطاتك الأول»، وهكذا، التعليم المفروض يكون وزارة واحدة وليس تعليم ما قبل الجامعى.. وتعليم جامعى.. وتعليم فنى.. ووزارة بحث علمي!
ثانيا: خطة الحكومة لـ 2030 باشتغل عليها من 2003 حتى الآن إذن لما أخطط لمدة 13 سنة أمال امتى حنفذ؟!
أما لو لجأت الحكومة لمنظومة بطاقات الأداء فهذه المنظومة من شأنها إعداد خطة بشكل سريع وأيسر، وهذا لم يحدث، أما عن مسئولية التنفيذ فستكتشفين أن بند المسئول عن التنفيذ موجود فى الخريطة، لكن لو قرأت المكتوب تحتها ستجدين «رئاسة مجلس الوزراء.. وزارة التخطيط والمتابعة أجهزة الرقابة الداخلية بالوزارات المختلفة.. الجهاز المركزى للمحاسبات.. الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة..»!
طبعا المفروض يكون هناك واحد فقط مسئول عن التنفيذ ومسئول عن المتابعة، لكن هنا المسئول عن المتابعة مجلس النواب واللجنة الوطنية التنسيقية الرئيسية والفرعية لمكافحة الفساد.. منظمات المجتمع المدنى.. وسائل الإعلام! ولم يعد ناقصا سوى أن يقول «بقية الـ 90 مليون مواطن»!
وعندما نضع مؤشرات لقياس الأداء أقول لهم أنتم ليس لديكم مؤشرات يقولون لا عندنا، فتكتشف أن الكلمة موجودة فعلا لكن مكتوب تحتها إيه «ربط حوافز العاملين بمدى الالتزام.. وجود نظما مميكنة» كلام عام وغير محدد.
وطول مامفيش مؤشرات محددة للأداء.. وطول ما المسئولية متفرق دمها بين القبائل يبقى مفيش فايدة!
• مؤشر سهولة أداء الأعمال
• ونحن نتطلع نحو اقتصاد قوى يجذب الاستثمارات الأجنبية.. كيف يلعب الإصلاح الإدارى دورا فى دعم الاقتصاد وجذب الاستثمارات؟
- يقول د. هانى الحفناوي: طبعا الاستثمارات مهمة جدا لأى دولة، لكن هناك ما هو أهم من الاستثمار الخارجى وهى الأصول الموجودة بداخل البلد لأن دى لو تم إصلاحها نتيجتها تظهر فى شهور بينما الاستثمار الخارجى بياخد 3 سنين حتى تظهر نتائجه ويكون السؤال الأهم: هل المستثمرون اللى جايين من الخارج عايزين يستثمروا عندى والا لأ؟!
البنك الدولى بيعمل حاجة اسمها «مؤشر سهولة أداء الأعمال»، وهذا المؤشر مكون من 10 نقاط محددة، مصر رقم 131 فى هذا المؤشر، بمعنى أن هناك 130 دولة أفضل منى فى مجال الاستثمار.. وبنظرة على هذا المؤشر الذى يحمل تصنيفا بناء على البيانات الرسمية التى يحصل عليها البنك الدولى من المؤسسات والوزارات المصرية نجد مثلا أن الموافقة على أى مشروع تأخذ 7 خطوات وتحتاج 8 أيام، وبعد كده بيعمل إذن للبناء وترخيصا للمبانى وتأخذ عندنا 179 يوما وتأخذ 20 خطوة!
وبعدين يطلب إدخال الكهرباء للمشروع، وهذا يحتاج 64 يوما من خلال 7 خطوات.. وعندما يسجل ما بناه يحتاج إلى 63 يوما و8 خطوات، وعندما يرغب فى تنفيذ قانون مع أى حد عمل معه عقدا سيأخذ 1010 أيام أى 3 سنين ونصف!
ولو عايز يقفل هذه المنشأة ويمشى يحتاج سنتين ونصفاً وسيدفع حوالى 22% من تمن مشروعه!
ومصر رقم 157 فى عمليات التصدير والاستيراد.
إذن أنا لو مستثمر حسأل نفسى لماذا أجيء أستثمر فى مصر؟! وهذه هى الأحوال، لكنى لو عايز أصلح أبدأ أحسّن أصولى، بمعنى أن رئيس الحكومة يطالب وزير الكهرباء وهى تحتاج لـ 64 يوما لتصل للمشروع الاستثمارى، أن الـ 64 يوما ينزلوا فى أول سنة «40 يوما» وفى العام التالى 20 يوما، وبعدها لعشرة أيام، وبعدها أصبح زى دبى أبلغ تليفونيا فتصل الكهرباء تانى يوم ويصبح ده مؤشر أداء وأحكم به على المسئول.
ولو نظرت من هذا المؤشر ستجدين مثلا المغرب ترتيبها 75 ، لذا معظم صناعات السيارات اتجهت للمغرب مؤخرا، وهذا أمر طبيعى فأنا كمستثمر سألت نفسى ليه أروح بلد رقم 131 وعندى بلد رقم 75 وهذه وتلك فى إفريقيا؟!
أيضا حلمنا بأن نصبح بوابة أفريقيا، وده ممكن فعلا لكننا نقع فى أخطاء استراتيجية تجعل هذا الحلم يكاد يكون مستحيلا!
• مجلس أعلى للإدارة الاستراتيجية
• ما الخطوة الأولى التى تظن أنها تعتبر البداية الحقيقية لتصحيح الأخطاء الإدارية الاستراتيجية التى نعانى منها والتى قد تمثل نقطة انطلاق فى اتجاه الهدف؟
- يجيبنى د. هانى الحفناوى قائلا: الحل هو مجلس أعلى للإدارة الاستراتيجية مكون من غير أعضاء الحكومة تماما ويتبع رئاسة الجمهورية مباشرة يقوم بنشر الأفكار لأن تغيير الأفكار مش سهل أبدا ودوره أنه يضع الخطط المتكاملة ويحدد مستوى الأداء تفصيليا وبشكل دقيق.. ودور كل مسئول، أما من يراقب تنفيذ هذه الخطة فهو مجلس النواب لمحاسبة أى مقصر، فإدارة الموارد أمر مهم جدا ولابد له من رؤية متكاملة فمثلا عندما كنت أزور اليابان أنا ووفد من الزملاء فوجئت بأن جميع العاملين فى أكبر الشركات اليابانية لا يرتدون «الكرافت» فقلت لزملائي: اخلعوا الكرافت، وضعوها فى جيوبكم حتى نستفسر عن هذا الأمر، ففوجئنا بأنهم يقولون لنا أننا نضبط ترموستات التكييفات فى كل اليابان على 23 درجة فى الصيف واكتشفنا أننا لو وضعنا المؤشر على 25 درجة أننا ممكن نوفر فى اليابان كلها 2 مليار دولار.. فصدر قرار من رئيس الوزراء أنه خلال شهور الصيف لا يرتدى أى موظف كرافت حتى يستطيعوا وضع ترموستات التكييفات على 25 درجة ونوفر 2 مليار دولار!
شوفتى أد إيه الدقة فى إدارة الموارد! •
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف