الوفد
عباس الطرابيلى
التصالح الضريبى.. ضرورة!
مصر الآن، أحوج ما تكون لأى دعم مالى.. وإذا كانت الدولة قد أخذت بمبدأ التصالح مع المتهمين بالتربح، فى السنوات الأخيرة.. فلماذا لا نطبق هذا المبدأ أيضاً مع مشاكل الضرائب.. ومتاعب التهرب الضريبى.
وقبول الدولة مبدأ إسقاط التهم عن المتربحين هو أفضل الحلول، فأن تحصل ولو على نصف ما تستحق من هؤلاء، فهذا أفضل ألف مرة.. من ألا تحصل على أى شىء بالمرة.. ومن المؤكد أن ما حدث مع حسين سالم أفضل مثال رغم ما يقوله البعض بأن هذا يعنى تقنين أوضاع من يراهم البعض لصوصاً.. ولكن المصلحة العليا تقول بالتصالح.. لأننا نحتاجه بالفعل.
<< ونفس المنطق مع المتعثرين مع البنوك، أى الذين حصلوا على قروض منها ثم تعثروا.. أو توقفوا عن السداد، حتى ولو أنفقوها على ملذاتهم.. ولكن أليس الأفضل أن تستعيد البنوك نصف مالها ـ من أصل القرض ـ من أن تفقد كل قيمة القرض.. وقد تعنى المصالحة هنا إنقاذ المنشأة من الإفلاس. والضياع. والإغلاق، وبالتالى خروج العاملين فيها ليقفوا فى طابور العاطلين.. وبالمناسبة هذه القروض والتعثر فيها هو السبب الأهم فى تعثر بل وتوقف «4000 مصنع» عن العمل. والكل هنا يخسرون: صاحب المال ولو كان قليلاً، والبنوك ولو كانت أموالهم للمشروع كبيرة.. والعمال أنفسهم.. وهذا يهمنا في المقام الأول.. ولا ننسى هنا خسائر الإنتاج القومى سواء للاستهلاك المحلى.. أو للتصدير. والمكاسب للكل، عند العكس.
<< ونصل إلى حجم أموال التهرب الضريبى.. والأفضل أن نجعل اسمها أموال التعثر الضريبى. ودون الخوض فى حجم ما للدولة عند هؤلاء وهى بالقطع بعشرات المليارات من الجنيهات.. إلا أن أهميتها بأن تحصل عليها الدولة ـ بالتراضى ـ فى هذا الوقت بالذات.. ونحن هنا نمد أيدينا إلى ما فى البنوك من ودائع فنغرى البنوك بشراء سندات الخزانة والتى تسحب منها الدولار ـ من هذه الودائع ـ فى شكل شهادات استثمار أو ودائع بفائدة.. أو تمتد يد الدولة أكثر إلى أموال التأمينات الاجتماعية أو تضطر الى طبع البنكنوت.. أو طرح سندات دولارية فى خارج البلاد.
<< والمشكلة أن المتعثرين يرون أن تقديرات الضرائب عليهم مغالى فيها جداً وأن مصلحة الضرائب تفرض تقديرات عالية حتى تجد وسيلة للتفاوض عليها ولكن القضية أن إجراءات التصالح هذه تطول بالسنوات.. وهنا تتعاظم وتتزايد الضرائب الجديدة.. لتضاف الى القديمة.. فيعجز الممول عن سداد القديم.. فما بالنا بالجديد؟! بشرط تقليل ضغوط فوائد التأخر!!
إننا نعرف مدى التضخم فى عدد العاملين فى أجهزة الضرائب المتعددة.. فلماذا تتأخر عمليات التسوية.. ولتكن يد الدولة رحيمة.. لأنها لو حصلت على 20 مليار جنيه ـ من هذه المتعثرات ـ الآن وهى فى شدة الحاجة إليها أفضل ألف مرة من أن تحصل على «30 ملياراً»، بعد «10 سنوات».
<< ولا تحدثونى عن حجم ما للدولة على هؤلاء من ضرائب متنوعة.. ولكن حدثونا عن تأثير الوفاء بحصة أكبر منها الآن سواء على حجم التضخم.. أو تواجد سيولة لدى قطاع من الشعب.. وعجز مالى على الدولة أن تسعى الى تخفيضه.. بشرط أن تتم عمليات التسوية ـ والتصالح ـ دون ضغط أو قهر.. حتى تتحقق العدالة فيما نطلب.. وأن تحصل الدولة على نصف مستحقاتها الضريبية أفضل ألف مرة من ألا تحصل عليها أبداً.. إذا اضطر الممول الى إعلان إفلاسه هنا يضيع كل شىء على الدولة.. مطلوب التسامح بقبول الحلول الوسط ، فهل هذا أمر يصعب تحقيقه؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف