الأخبار
يسرى الجندى
خاطر - ة من ينقذه؟
برغم ما كتب عن حالة ماسبيرو - ولن أتحدث عن الإعلام بعامة - وما أكثر ما كتبت وكتب غيري.. وما أكثر ما أصم المسئولون آذانهم عما يقال أو يكتب وكأنهم ايضاً أعموا ابصارهم فلا شهدوا ما نشهد وما سمعوا ما نسمع.. ليس لانهم - لا سمح الله - صم أو عمي أو هم قوم لا يفقهون.. بل لأنهم لم يصل إلي اسماءهم أي توجيه بشأن هذه الجثة الملقاة في عرض الطريق دونما سؤال أو إشارة إلي من أوردها الردي أو قاموا بمواراتها التراب عملاً بالقول المأثور (إكرام الميت دفنه).. أو أن يحدث أمر جلل ليدفعهم إلي الالتفات لهذه الجثة المجرمة التي تقف خلف الامر رغم أنها جثة لم يلتفتوا إليها من قبل.. لولا أن أذيع حوار من العام الفائت لرئيس مصر في لقائه بإحدي المحطات الفضائية الأمريكية وليس الحوار الحالي.. والخطأ فضيحة فعلاً ولكن ليس للجثة ولا من يقف علي رأسها - وهي للحق قيادة شاطرة وذات كفاءة واقتدار ولكنها لا تملك موهبة السيد المسيح في إحياء الموتي ولا تملك أي سند أو دعم أو كفاءات لمواجهة المشاكل الهائلة التي لا تجد سوي التجاهل التام، السادة المسئولون هم المسئولون لأنهم المتجاهلون للأمر منذ سنوات. ولقد استوقفتني مفارقة صارخة من خلال مقال للكاتب محمد درويش في الأخبار بعنوان: (من »أزهري»‬ إلي الأزهر يا قلبي إحزن) وتتضمن تجربة نجاح منذ 34 سنة وتجربة فشل في السنوات الأخيرة ففي عام 1982م صدر العدد الأول من مجلة لواء الاسلام واستمرت بنجاح بعلماء وسطيين وإعلاميين متميزين، حتي جاء علينا حين من الدهر استفحل فيه التطرف والتعصب والارهاب الدموي وبدأ الحديث عن الحاجة إلي مراجعة وتطوير الخطاب الديني وتصاعدت أصوات جمة تطالب بذلك وبقوة بما في ذلك القيادة السياسية نفسها - وكانت تجربة (قناة أزهري) بدأت بنجاح وبعلماء مستنيرين مثل (الدكتور سعد الدين الهلالي).. وسرعان ما تراجع تأثير المحاولة في ظل تحرك علي الأرض عكس ما ينادي به ودخل السلفيون مجلس النواب رغم تعارض ذلك مع الدستور، واستشري نفوذ المتطرفين مقاومة لأي تطوير أو فكر مستنير أو اجتهاد ونجحوا في اجهاض أي توجه للتغيير أو التطوير في أي مجال إذ كانوا شركاء لأطراف أخر أصحاب مصلحة.. وتصدت العناصر المستنيرة بالازهر لفتح قناة تتبعه وساهم الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز بمبلغ كبير وبدأ الإعداد للبناء.. ولكن ما أن رحل الملك عبدالله..حتي توقف المشروع!!.. وتحقق إجهاض آخر.. وتأكدت سيطرة الصوت الآخر فيالإعلام. أشرت إلي تلك المفارقة كأحد المؤشرات التي تدل عليمحنة واسعة يمر بها الإعلام وبالذات المرئي باتجاه معاكس تماماً لكل ما تتطلبه هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها في مجالات شتي تكاد تغطي كل أوجه الحياة والبقاء في مصر ومع ذلك يكاد كثير من المسئولين لا يحسون بأي قلق أو مبالاة.. حتي بدا كأن ذلك هو المطلوب وأن أي اهتمام حقيقي لن نجد له مكانا علي جدول مجلس الوزراء أو النواب إلا بحسب التوجيهات.. ولذا فعلينا أن نسلم بأن أي انقاذ حقيقي لما هو ملح وحتمي.. لن يتأتي إلا باهتمام مباشر من القيادة السياسية وبتحديد واضح ومفصل.
ومن أدلتي علي ذلك ما أثير أخيراً حول ضرورة وجود وزير للإعلام.. وبالمناسبة قد ظن البعض أن إلغاء وزارة الإعلام ورد بالدستور، وهذا غير صحيح، وكان قرار السيد رئيس الوزراء السابق متسرعاً حين ألغي وزارة الإعلام دون النظر إلي الظروف المعقدة المحيطة ، حتي لو كان وجود بعض وزراء للإعلام منذ ثورة يناير لم يغير شيئاً ومازال ماسبيرو علي حاله.. ومازال الوعد بمجلس وطني مجرد كلام!.. وأظن أن قضية ماسبيرو صارت متداولة علي كل الوجوه.. ولقد لفت نظري أيضاً أن البرنامج الهام (مع إبراهيم عيسي) طرح في ندوة الأربعاء هل نحن بحاجة إلي وزير إعلام أم لا؟ وذلك تبعا لسوء الحال.. وربما مالت الآراء - كان هناك مشاركة من الجمهور - ورجحت رفض فكرة وجود وزير لأن وجوده قبلاً لم يغير شيئا بخلاف ما ورد وخاصة افتقاد حرية الإعلام إلي أرض تقف عليها الآن وفي هذه الظروف. والحق أنني أميل رغم ذلك إلي وجود وزير للإعلام ولو مؤقتا ولكن بشرط أساسي أن يجد دعماً مباشراً من القيادة السياسية.. ووفق مشروع إحياء متكامل يطرح علي نطاق واسع واستناداً إلي خطورة دور الإعلام المرئي والمسموع بالذات إزاء ما نواجهة.. علما بأن وجود صوت للإعلام داخل مجلس الوزراء دون سند رئاسي وملزم عقيم بلا جدوي.. والمجلس اصلاً - يحمد الله كثيراً لأنه مرفوع عن كاهله جهاز كثير المشاكل.. ولن يهتم الا بتوجيهات مباشرة وكلنا يعرف كيف تجري الأمور.. وختاماً فإن لم يجد ماسبيرو من يقيله من عثرته فنحن في مشكلة.. لها انعكاسات واسعة كما سبق أن كتبت.
هامش:
المحاسب (عبدالقوي عبد المعبود دراز) رئيس اتحاد مدينة (الفردوس) غارق دون عون في مشاكل ضخمة دون أي إلتفات من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وجهاز ٦ أكتوبر ويستصرخ المسئولين دون جدوي.. الصرف الصحي يهدد مبانيها وقلة المياه مشكلة وتجاهل ومراوغات (شركة نات جاز) في عدم إدخال الغاز وغير ذلك.. والسؤال الذي لا يخص الفردوس وحدها: أليس الإهمال والتجاهل والاستخفاف بحقوق المواطنين هو من أسوأ مظاهر الفساد الذي ندعو جميعاً إلي مقاومته وتعقب رؤوسه؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف