الجمهورية
د. محمد مختار جمعة
مسجد التسامح
في صحبة الزملاء الأعزاء وزراء الثقافة والصحة والسياحة والطيران والهجرة والسيد اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناءونخبة من علماء ورجال الدين الإسلامي والمسيحي ومن الأدباء والمثقفين والفنانين والمبدعين وشيوخ قبائل جنوب سيناء وأهلها من البدو والحضر علي حد سواء قضينا سويعات هامة في مدينة سانت كاترين بعبقها التاريخي. حيث صلينا الجمعة في مسجدها المبارك مسجد الوادي المقدس. في الوادي المقدس. في أرض سيناء المباركة. كما صلينا ركعتي الضحي في مسجد يطيب لي أن أطلق عليه مسجد التسامح. حيث يقع المسجد في قلب دير سانت كاترين كرمز من أهم رموز التسامح الديني في أرض التسامح سيناء في بلد التسامح مصر الكنانة. مهد الحضارات وملتقي الأديان حيث يلتقي تسامح الماضي بتسامح الحاضر. فحضارة عمقها وعبقها أكثر من سبعة آلاف عام لم تعرف في تاريخها الاعتداء علي الآخر أو غمطه حقوقه. إنما قامت دائماً علي قبول التنوع والتعايش مع الآخر وإكرام الضيف. حتي في عهود الفراعنة حيث استقبل ملك مصر أو عزيز مصر آنذاك أهل الشام واقتسم معهم لقمة العيش. حينما كانت تأتي قوافلهم إلي مصر لتعود محملة بالزاد والطعام وهو ما حكاه القرآن الكريم عن اخوة يوسف حين جاءوا إلي مصر طلباً للزاد والطعام حيث يقول الحق علي لسانهم: "فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين" وما كان من يوسف عليه السلام حين قال لأبويه واخوته ومن قدم معهم من أهل الشام "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".
وعلي هامش الرحلة يمكن أن نسجل خواطر هامة من أهمها ما حكاه لي بعض بدو المنطقة بفطرتهم النقية وغيرتهم علي قداسة المنطقة ومدي احترامهم لها واحساسهم بقدسيتها. وهو ما جعلنا نتفاعل وبشدة معهم ونشعر بما يشعرون به تجاهها "فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوي". ومنها لقاؤنا بكبير أساقفة دير سانت كاترين الذي رحب بنا وبوجودنا ترحيباً كبيراً. وفي دقائق معدودة قضيناها معا في صالون استقبال كبار الزوار بالدير دار الحديث حول المشتركات الإنسانية في الشرائع السماوية. وإجماع الأديان علي احترام إنسانية الإنسان وآدميته كونه إنساناً دون تمييز علي أساس الدين أو الجنس أو اللون أو العرق. وحق كل إنسان في الحياة الكريمة. غير أن وقت الجمعة كان قد داهمنا فاضطررنا إلي اختصار الحديث. وهو ما أكد كبير الأساقفة أننا في حاجة إلي مزيد من هذا الحوار الإنساني الروحي الهادف. الذي يجمع ولا يفرق. فدعوناه إلي زيارتنا في مكتبنا بالقاهرة. وانصرفنا جميعاً سعداء بهذا التسامح آملين في حوار أوسع. وفي مزيد من نشر قيم التسامح وثقافة التسامح علي كل بقعة من ظهر البسيطة. لينعم الناس جميعاً بحياة آمنة مستقرة بعيداً عن مطامع البشر ومحاولات بعضهم توظيف الأديان في غير ما أنزلت له وشرعت لأجله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف